الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5190 41 - حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان، حدثنا أبي، عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج، عن رافع بن خديج قال: قلت: يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا وليست معنا مدا، فقال: اعجل أو أرن ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر، وسأحدثك أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة، وأصبنا نهب إبل وغنم فند منها بعير فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فإذا غلبكم منها شيء فافعلوا به هكذا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وعمرو بن علي بن بحر البصري الصيرفي، ويحيى القطان، وسفيان هو الثوري يروي عن أبيه سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن خديج، يروي عن جده رافع بن خديج، كذا وقع في رواية كريمة، وفي رواية غيره عن عباية بن رافع بن خديج فنسبه إلى جده.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى عن قريب في باب التسمية على الذبيحة، فإنه أخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن سعيد بن مسروق وهو أبو سفيان الثوري، عن عباية إلى آخره، ومضى الكلام فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقال اعجل أو أرن" شك من الراوي; أي قال: اعجل أو قال أرن، واعجل بكسر الهمزة وسكون العين وفتح الجيم أمر من العجلة، ثم إن الرواة اختلفوا في ضبط أرن ففي رواية كريمة بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون النون، وكذا ضبطه الخطابي في (سنن أبي داود) وفي رواية أبي ذر بسكون الراء وكسر النون، وفي رواية الإسماعيلي "أرني" بإثبات الياء، وفي رواية ذكرها الخطابي فقال: قوله: اعجل أو أرن صوابه ائرن بوزن اعجل من أرن يأرن إذا خف; أي [ ص: 121 ] اعجل ذبحها؛ لئلا تموت حتفا، ووجه الخطابي وجها آخر وهو ائزز من أزز الرجل إصبعه في الشيء إذا أدخلها فيه، وأززت الجرادة إذا أدخلت ذنبها في الأرض، وادعى أن غيره تصحيف وأن هذا هو الصواب.

                                                                                                                                                                                  قلت: قد أطال الشراح هنا كلاما كثيرا أكثره على خلاف القواعد الصرفية، ولم يذكر أحد منهم كيف إعراب "ما أنهر الدم" فنقول بعون الله وتوفيقه هنا أوجه:

                                                                                                                                                                                  الوجه الأول: رواية كريمة "أرن" بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون النون على وزن "أفل" لأن عين الفعل حذفت في الأمر لأنه أمر من أران يرين، والأمر أرن كأطع من أطاع يطيع، يقال: أرأن القوم إذا هلكت مواشيهم، والمعنى هنا أهلك، الذي تذبحه بما أنهر الدم، وحرف الصلة محذوف.

                                                                                                                                                                                  الوجه الثاني: رواية أبي ذر "ارن" بسكون الراء وكسر النون قال بعضهم بوزن اعط بمعنى أدم الحز من قولك: رنوت إذا أدمت النظر إلى الشيء، (قلت): هذا غلط فاحش لأن رنوت من باب رنا يرنو رنوا من باب نصر ينصر، والأمر فيه لا يأتي إلا ارن بضم الهمزة وسكون الراء مثل انصر وليس هو الأمر من أرنى يرني من باب أفعل، والأمر منه أرن بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر النون، والمعنى على هذا: أنظر ما أنهر الدم إلى الذي تذبحه فيكون محل "ما أنهر الدم" نصبا على أنه مفعول أنظر من الإنظار.

                                                                                                                                                                                  الوجه الثالث: رواية الإسماعيلي "أرني" هو مثل ما قبله غير أن النون لما أشبعت بالكسرة تولدت منها الياء.

                                                                                                                                                                                  الوجه الرابع: ما قال الخطابي وهو: ائزز بكسر الهمزة الأولى وسكون الثانية وفتح الزاي الأولى إن كان من باب أزز مثل علم فلا يجيء الأمر منه إلا ائزز مثل اعلم، وإن كان من أزز الشيء من باب نصر ينصر يكون الأمر منه اؤزز بضم الهمزة الأولى وسكون الثانية وضم الزاي الأولى فمعنى الباب الأول الإغراء والتهييج ومعنى الباب الثاني ضم بعض الشيء إلى بعض.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية