الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6199 - حدثنا عبد الغني بن رفاعة ابن أبي عقيل ، قال : ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : ثنا شعبة ، عن جابر ، عن محمد بن قرظة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : ولم نسمعه منه أنه اشترى كبشا ليضحي به ، فأكل ذنبه ، أو بعض ذنبه ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : ضح به .

                                                        فقد فسد إسناد هذا الحديث ، بما قد ذكرنا ، وفسد متنه ، لأنه قال : قطع ذنبه أو بعض ذنبه .

                                                        فإن كان البعض هو المقطوع ، فيجوز أن يكون ذلك أقل من ربعه ، وذلك لا يمنع أن يضحى به في قول أحد من الناس .

                                                        ولو كان الحديث ، كما رواه إبراهيم بن محمد ، أنه قطع أليته ، لاحتمل أن يكون ذلك أيضا على بعضها ، لأنه قد يقال : قطع أليته ، إذا قطع بعضها ، كما يقال : قطع إصبعه ، إذا قطع بعضها .

                                                        [ ص: 171 ] فتصحيح هذه الآثار ، يمنع أن يضحي بالأربع ، التي في حديث البراء ، أو بالمقابلة والمدابرة ، وهي المشقوفة أكثر أذنها من قبلها أو من دبرها .

                                                        وإذا كان ذلك لا يجزي في الأضاحي ، فالمقطوعة الأذن أحرى أن لا تجزئ .

                                                        وكذلك في النظر عندنا ، كل عضو قطع من شاة ، مثل ضرعها ، أو أليتها ، فذلك يمنع أن يضحى بها إذا قطع بكماله ، فقطع بعضه ، فإن أصحابنا رحمهم الله يختلفون في ذلك .

                                                        فأما أبو حنيفة ، رحمة الله عليه ، فروي عنه : المقطوع من ذلك ، إذا كان ربع ذلك العضو فصاعدا ، لم يصح بما قطع ذلك منه ، وإن كان أقل من الربع ، ضحى به .

                                                        وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله : إذا كان المقطوع من ذلك ، هو النصف فصاعدا ، فلا يضحى بما إذا قطع ذلك منه .

                                                        وإن كان أقل من النصف ، فلا بأس أن يضحى بها .

                                                        إلا أن أبا يوسف رحمه الله ذكر أنه ذكر هذا القول لأبي حنيفة ؛ فقال له : قولي مثل قولك .

                                                        فثبت بذلك رجوع أبي حنيفة : رحمة الله عليه عن قوله الذي قد كان قاله إلى ما حدثه به أبو يوسف .

                                                        وقد وافق ذلك من قولهم ما روينا عن سعيد بن المسيب في هذا الباب في تفسير العضباء التي قد نهي عن الأضحية بها ، وأنها المقطوعة نصف أذنها ، وكل ما كان من هذا ، لا يكون أضحية ، لما قد نقص منه ، فإنه لا يكون هديا .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية