الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 416 ] 36 - قوله: (ص): إذا كان راوي الحديث متأخرا عن درجة أهل الحفظ والإتقان غير أنه من المشهورين (بالصدق والستر) ، وروي حديثه من غير وجه، فقد اجتمعت له القوة من الجهتين، وذلك يرقي حديثه من درجة الحسن إلى درجة الصحيح .
مثاله: "حديث ( محمد بن عمرو بن علقمة ) عن أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه... " إلى آخر كلامه.
وفيه أمور:
أحدها: أن ظاهر كلامه أن nindex.php?page=treesubj&link=29095شرط الصحيح أن يكون راويه حافظا متقنا وقد بينا ما فيه فيما سبق.
وثانيها: أن وصف الحديث بالصحة إذا قصر عن رتبة الصحيح وكان [ ص: 417 ] على شرط الحسن إذا روي من وجه آخر لا يدخل في التعريف الذي عرف به الصحيح أولا.
فإما أن يزيد في حد الصحيح ما يعطي أن هذا أيضا يسمى صحيحا، وإما أن لا يسمى هذا صحيحا، والحق أنه من طريق النظر أنه يسمى صحيحا، وينبغي أن يزاد في nindex.php?page=treesubj&link=29092التعريف بالصحيح فيقال: "هو الحديث الذي يتصل إسناده بنقل العدل [التام] الضبط أو القاصر عنه إذا اعتضد عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا".
وإنما قلت ذلك لأنني اعتبرت كثيرا من أحاديث الصحيحين فوجدتها لا يتم الحكم عليها بالصحة إلا بذلك.
ومن ذلك حديث أبي بن العباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن [ ص: 418 ] جده رضي الله تعالى عنه في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبي هذا قد ضعفه لسوء حفظه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، ولكن تابعه عليه أخوه عبد المهيمن بن العباس ؛ أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من طريقه. وعبد المهيمن أيضا فيه ضعف، فاعتضد.
وانضاف إلى ذلك أنه ليس من أحاديث الأحكام، فلهذه الصورة المجموعية حكم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بصحته.
[ ص: 419 ] وكذا حكم بصحة حديث معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجهاد فقال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=652663جهادكن الحج والعمرة .
في أمثلة كثيرة قد ذكرت الكثير منها في مقدمة شرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
ويوجد في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم منها أضعاف ما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . والله أعلم
[الحسن قسمان:]
وقياس ما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح أن nindex.php?page=treesubj&link=29101الحسن قسمان :
أحدهما ما هو لذاته. والآخر ما هو لغيره.
وكون الصحيح كذلك. ويكون القسم الذي هو صحيح أو حسن لذاته أقوى من الآخر، وتظهر فائدة ذلك عند التعارض وكذلك أقول في الضعيف.
[ ص: 420 ] إذا روي بأسانيد كلها قاصرة عن درجة الاعتبار حيث لا يجبر بعضها ببعض أنه أمثل من ضعيف روي بإسناد واحد كذلك، وتظهر فائدة ذلك في جواز العمل به أو منعه مطلقا - والله أعلم - .
ثالثها: أنه اعترض عليه في المثال الذي مثل به وهو حديث: "لولا أن أشق... " من طريق محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - بأن الحكم بصحته إنما جاء من جهة أنه روي من طريق أخرى صحيحة لا مطعن فيها. منها في الصحيحين من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - والمثال اللائق هنا أن يذكر حديث له أسانيد كل منها لا يرتقي عن درجة الحسن قد حكم له بالصحة باعتبار مجموع تلك الطرق.
والجواب عن المصنف أن المثال الذي أورده مستقيم والذي طولب به قسم من المسألة.
وذلك أن الحديث الذي يروى بإسناد حسن لا يخلو إما أن يكون فردا أو له متابع.
الثاني لا يخلو المتابع إما أن يكون دونه أو مثله أو فوقه فإن كان دونه فإنه لا يرقيه عن درجته.
[ ص: 421 ] قلت: قد يفيده إذا كان عن غير متهم بالكذب قوة ما يرجح بها لو عارضه حسن آخر بإسناد غريب.
وإن كان مثله أو فوقه فكل منهما يرقيه إلى درجة الصحة.
فذكر المصنف مثالا لما فوقه ولم يذكر مثالا لما هو مثله.
وإذا كانت الحاجة ماسة إليه فلنذكره نيابة عنه وأمثلة كثيرة قد ذكرنا منها الحديثين اللذين أوردناهما من الصحيح قبل هذا.
ومنها: ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن عامر بن شقيق عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=662399إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته .
تفرد به عامر بن شقيق ، وقد قواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ولينه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم وحكم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في العلل [ ص: 422 ] بأن حديثه هذا حسن، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيما حكاه عنه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود : أحسن شيء في هذا الباب حديث عثمان - رضي الله تعالى عنه - .
وذلك لما عضده من الشواهد، كحديث nindex.php?page=showalam&ids=11916أبي المليح الرقي عن الوليد بن زوران عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - .
[ ص: 423 ] أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود وإسناده حسن؛ لأن الوليد وثقه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ولم يضعفه أحد وتابعه عليه nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير من رواية عمر بن إبراهيم العبدي عنه، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر لا بأس به.
ورواه الذهلي في الزهريات من طريق الزبيدي عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - إلا أن له علة غير قادحة، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=17293ابن القطان .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن حسان بن بلال عن nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر وهو معلول وله شواهد أخرى دون ما ذكر في المرتبة، وبمجموع [ ص: 424 ] ذلك حكموا على أصل الحديث بالصحة وكل طريق منها بمفردها لا يبلغ درجة الصحيح - والله أعلم - .