الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون .

[27] يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول نزلت في أبي لبابة هارون بن عبد المنذر الأنصاري من بني عوف بن مالك، روي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاصر يهود بني قريظة خمسا وعشرين ليلة، فسألوا: الصلح كما صالح إخوانهم بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذرعات وأريحا من الشام، فأبى وقال لهم: تنزلون على حكمي، فأبوا، فقال: على حكم سعد بن معاذ، فرضوا به، وقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة، وكان مناصحا لهم; لأن عياله وماله كانت عندهم، فبعثه إليهم، فقالوا: ما ترى هل ننزل على حكم محمد؟ فأشار أبو لبابة إلى حلقه أنه الذبح، قال أبو لبابة: فما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله، فنزلت، فشد نفسه على سارية في المسجد، وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت، أو يتوب الله علي، فمكث سبعة أيام حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل له: قد تيب عليك، فحل نفسك، فقال: والله لا أحلها حتى يكون [ ص: 106 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، فقال: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "يجزئك الثلث أن تتصدق به"، وسيأتي ذكر القصة في سورة الأحزاب إن شاء الله تعالى، وأصل الخون: النقص، كما أن أصل الوفاء: التمام، واستعماله في ضد الأمانة; لتضمنه إياه.

وتخونوا أماناتكم أي: ولا تخونوا أماناتكم فيما بينكم.

وأنتم تعلمون قبح الخيانة.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية