الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن حج عن غيره]

                                                                                                                                                                                        حج الإنسان عن غيره على أربعة أوجه : تطوعا ، وعلى الإجارة ، وعلى البلاغ في الثمن تكون أجرته نفقته ، وعلى البلاغ في الحج إن وفى بالحج أخذ العوض ، وإلا فلا شيء له ، وقد تقدم ذكر التطوع .

                                                                                                                                                                                        وتكره الإجارة في الجملة ، قال مالك في كتاب محمد : الرجل لو آجر نفسه في سوق الإبل وحمل اللبن لكان أحب إلي من أن يعمل عملا لله سبحانه وتعالى بالإجارة .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم : وإن آجر نفسه ثم أراد نقض الإجارة لما بلغه ألا يحج أحد عن أحد لم يكن له ذلك ، وإن كانت الإجارة بنفقته جاز ، وينبغي أن يبينها [ ص: 1264 ] قبل العقد ، فإن لم يفعل مضى ، وينفق نفقة مثله . قال محمد : ينفق ما لا بد منه مثل الكعك والزيت والخل واللحم المرة بعد المرة والثياب والوطاء واللحاف ، فإن رجع رد ما فضل . قال : وإنا لنكره ذلك . يريد : إلا بشيء معلوم .

                                                                                                                                                                                        والإجارة من بلد الموصي إن أوصى به منه ثم مات به . قال ابن القاسم : ويحرم من ميقات الميت وإن لم يشترط ذلك عليه . وقال أشهب في كتاب محمد : يحج عنه من الموضع الذي أوصى . يريد : إن كان بغير بلده .

                                                                                                                                                                                        قال محمد بن عبد الحكم : إن كان من أهل مصر فمات بخراسان وأوصى بالحج حج عنه من خراسان . وهو أحسن ، وإنما يحج من بلد الميت إذا مات به ، إلا ألا يجد من يستأجر لتلك الوصية من موضع وصى به .

                                                                                                                                                                                        وفي السليمانية قال : لا ينبغي لمن أجر لحج أن يركب من الدواب والجمال إلا ما كان الميت يركبه ؛ لأنه كذلك أراد أن يوصي ، ولا يقضي به دينه ويسأل الناس ، وهذه خيانة ، وإنما أراد الميت أن يحج عنه بماله ، والعادة اليوم خلاف ذلك ، وأنه يصنع به ما أحب ، ويحج ماشيا وكيف تيسر .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في كتاب محمد فيمن أوصى أن يمشى عنه : لا يمشي عنه ويهدي عنه هديين ، فإن لم يجد فواحد يجزئه ، قيل : فإن وعده ابنه بذلك ، قال : أحب له أن يفعل ، وقال ابن القاسم : ينظر إلى ما يكري به والنفقة إلى مكة فيهدي عنه به هديا . [ ص: 1265 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية