الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3070 حدثنا حفص بن عمر وموسى بن إسمعيل المعنى واحد قالا حدثنا عبد الله بن حسان العنبري حدثتني جدتاي صفية ودحيبة ابنتا عليبة وكانتا ربيبتي قيلة بنت مخرمة وكانت جدة أبيهما أنها أخبرتهما قالت قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت تقدم صاحبي تعني حريث بن حسان وافد بكر بن وائل فبايعه على الإسلام عليه وعلى قومه ثم قال يا رسول الله اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء أن لا يجاوزها إلينا منهم أحد إلا مسافر أو مجاور فقال اكتب له يا غلام بالدهناء فلما رأيته قد أمر له بها شخص بي وهي وطني وداري فقلت يا رسول الله إنه لم يسألك السوية من الأرض إذ سألك إنما هي هذه الدهناء عندك مقيد الجمل ومرعى الغنم ونساء بني تميم وأبناؤها وراء ذلك فقال أمسك يا غلام صدقت المسكينة المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على الفتان

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ودحيبة ) : بمهملة وموحدة مصغرة العنبرية مقبولة من الثالثة ( كانتا ربيبتي قيلة ) : بالتحتانية الساكنة صحابية لها حديث طويل . كذا في التقريب ( وكانت ) أي قيلة : جدة ( أبيهما ) : الضمير لصفية ودحيبة ( أنها ) : أي قيلة ( صاحبي ) : يعني رفيقي ( فبايعه ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم ( عليه وعلى قومه ) : الضمير فيهما لحريث ( بالدهناء ) موضع معروف ببلاد تميم .

                                                                      قال في المراصد : بالفتح ثم السكون ونون وألف ممدودة وهي من ديار بني تميم وهي من أكثر بلاد الله كلأ مع قلة أعداد مياه انتهى ( لا يجاوزها ) : أي الدهناء يعني بالتصرف [ ص: 249 ] عليها ( إلا مسافر أو مجاوز ) : يعني لا بد من مجاوزتهما لكن لا تصرفا بل مرورا ( فقال ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم ( اكتب له ) : أي لحريث ( فلما رأيته ) : هذا قول قيلة ( قد أمر له ) : أي لحريث ( بها ) : أي بالدهناء ( شخص بي ) : على بناء المفعول يقال للرجل إذا أتاه ما يقلقه قد شخص كأنه رفع من الأرض لقلقه وانزعاجه كذا في فتح الودود ( وهي ) : أي الدهناء ( السوية من الأرض ) : سواء الشيء وسطه وأرض سواء سهلة أي مستوية يقال مكان سواء أي متوسط بين المكانين كذا في الصحاح والنهاية .

                                                                      والمعنى أن حريثا لم يسألك الأرض المتوسطة بين الأنفع وغير الأنفع بل إنما سألك الدهناء وهي أرض جيدة ومرعى الجمل ولا يستغنى عن الدهناء لمن سكن فيها لشدة احتياجه إليها فكيف تقطعها لحريث خاصة ، وإنما فيها منفعة عامة لسكانها ( مقيد الجمل ) : على وزن اسم المفعول أي مرعى الجمل ومسرحه فهو لا يبرح منه ولا يتجاوزه في طلب المرعى فكأنه مقيد هناك . وفيه من الفقه أن المرعى لا يجوز اقتطاعه وأن الكلأ بمنزلة الماء لا يمنع . قاله الخطابي ( المسكينة ) : هي قيلة ( يسعهم الماء والشجر ) : وفي بعض النسخ يسعهما بصيغة التثنية .

                                                                      قال الخطابي : يأمرهما بحسن المجاورة وينهاهما عن سوء المشاركة ( يتعاونون على الفتان ) : يروى بالفتح مبالغة من الفتنة وبضم الفاء جمع فاتن .

                                                                      قال الخطابي : يقال معناه الشيطان الذي يفتن الناس عن دينهم ويضلهم ، ويروى الفتان بضم الفاء وهو جماعة الفاتن كما يقال كاهن وكهان .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي مختصرا ، وقال حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن حسان .




                                                                      الخدمات العلمية