الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3061 حدثنا الحسن بن قزعة البصري حدثنا سفيان بن حبيب حدثنا سعيد عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن عمار بن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلت المائدة من السماء خبزا ولحما وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا لغد فخانوا وادخروا ورفعوا لغد فمسخوا قردة وخنازير قال أبو عيسى هذا حديث غريب قد رواه أبو عاصم وغير واحد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن عمار بن ياسر موقوفا ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا سفيان بن حبيب عن سعيد بن أبي عروبة نحوه ولم يرفعه وهذا أصح من حديث الحسن بن قزعة ولا نعلم للحديث المرفوع أصلا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا الحسن بن قزعة ) بفتح قاف وسكون زاي وفتحها وبعين مهملة : ابن عبيد الهاشمي أبو علي البصري صدوق من العاشرة ( حدثنا سفيان بن حبيب ) البصري البزاز أبو محمد ، وقيل غير ذلك ثقة من التاسعة ( حدثنا سعيد ) هو ابن أبي عروبة ( عن خلاس بن عمرو ) [ ص: 344 ] بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام ثقة ، وقد صح أنه سمع من عمار .

                                                                                                          قوله : ( أنزلت المائدة ) قال الراغب : المائدة الطبق الذي عليه الطعام ويقال لكل منهما مائدة ، أي على الحقيقة المشتركة أو على أحدهما مجازا باعتبار المجاورة أو بذكر المحل وإرادة الحال ( خبزا ولحما ) تمييز ( وأمروا ) بصيغة المجهول ( ولا يدخروا ) بتشديد الدال المهملة المبدلة من الذال المعجمة من باب الافتعال من الذخيرة وهو التخبية ( لغد ) أي ليوم عقب يوم نزول المائدة أو لوقت مستقبل بعده ( فمسخوا ) أي فغير الله صورهم الإنسانية بعد تغيير سيرتهم الإنسية ( قردة وخنازير ) منصوبان على أنهما مفعول ثان على ما يستفاد من القاموس حيث قال مسخه كمنعه : حول صورته إلى أخرى أقبح ومسخه الله قردا فهو مسخ ومسيخ . وقال الطيبي حالان مقدرتان كقوله تعالى وتنحتون من الجبال بيوتا قيل الظاهر أن شبابهم مسخوا قردة وشيوخهم خنازير .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير ( رواه أبو عاصم ) اسمه الضحاك بن مخلد النبيل .

                                                                                                          تنبيه : ذكر الترمذي حديث عمار المذكور في تفسير قوله تعالى قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين .

                                                                                                          قال الحافظ ابن كثير في تفسيره بعد ذكر عدة آثار عن ابن عباس ، وغيره رضي الله عنهم ما لفظه : وكل هذه الآثار دالة على أن المائدة نزلت على بني إسرائيل أيام عيسى ابن مريم إجابة من الله لدعوته ، وكما دل على ذلك ظاهر هذا السياق من القرآن العظيم . قال الله إني منزلها عليكم الآية .

                                                                                                          [ ص: 345 ] وقال قائلون : إنها لم تنزل فروى ليث بن أبي سليم عن مجاهد في قوله أنزل علينا مائدة من السماء قال هو مثل ضربه الله ولم ينزل شيء رواه ابن أبي حاتم وابن جرير . وقال حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن منصور بن زاذان عن الحسن أنه قال في المائدة إنها لم تنزل ، وهذه أسانيد صحيحة إلى مجاهد والحسن . وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا تعرفه النصارى وليس هو في كتابهم ، ولو كانت قد نزلت لكان ذلك مما يتوفر الدواعي على نقله وكان يكون موجودا في كتابهم متواترا ، ولا أقل من الآحاد . ولكن الجمهور على أنها نزلت ، وهو الذي اختاره ابن جرير قال لأن الله تعالى ، أخبر نزولها في قوله تعالى إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين قال ووعد الله ووعيده حق وصدق ، وهذا القول والله أعلم هو الصواب كما دلت عليه الأخبار والآثار عن السلف وغيرهم . انتهى كلامه باختصار يسير .




                                                                                                          الخدمات العلمية