الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1778 [ ص: 499 ] (باب لا تحل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته)

                                                                                                                              وقال النووي : (باب تحريم الزكاة، على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى آله وهم بنو هاشم، وبنو المطلب، دون غيرهم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 170 ج7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي حدثنا شعبة ، عن محمد (وهو ابن زياد) سمع أبا هريرة يقول: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كخ كخ ارم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة؟" .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه (قال: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كخ كخ، ارم بها") بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء، ويجوز كسرها مع التنوين.

                                                                                                                              وهي كلمة يزجر بها الصبيان عن المستقذرات، فيقال له: كخ. أي: اتركه وارم به.

                                                                                                                              قال الداودي : هي عجمية معربة. بمعنى "بئس".

                                                                                                                              [ ص: 500 ] وقد أشار إلى هذا البخاري، بقوله في ترجمة (باب من تكلم بالفارسية والرطانة) : وفي الحديث: أن الصبيان يوقون مما يوقاه الكبار، ويمنعون من تعاطيه، وهذا واجب على الولي.

                                                                                                                              (أما علمت أنا لا نأكل الصدقة؟) .

                                                                                                                              هذه اللفظة تقال في الشيء الواضح التحريم، ونحوه، وإن لم يكن المخاطب عالما به.

                                                                                                                              وتقديره: عجب! كيف خفي عليك هذا، مع ظهور تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى آله ؟!.

                                                                                                                              قال النووي : وهم بنو هاشم، وبنو المطلب .

                                                                                                                              هذا مذهب الشافعي ومرافقيه: أن آله هم هؤلاء. وبه قال بعض المالكية.

                                                                                                                              وقال أبو حنيفة، ومالك: هم بنو هاشم خاصة.

                                                                                                                              وقال بعض العلماء: هم قريش كلها.

                                                                                                                              وقال أصبغ المالكي : هم بنو قصي .

                                                                                                                              قال: دليل الشافعي : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن بني هاشم، وبني المطلب: شيء واحد". وقسم بينهم سهم ذوي القربى.

                                                                                                                              قال: وأما صدقة التطوع، ففيها ثلاثة أقوال للشافعي:

                                                                                                                              [ ص: 501 ] أصحها: أنها تحرم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتحل لآله.

                                                                                                                              وأما موالي بني هاشم وبني المطلب، ففيه وجهان:

                                                                                                                              أصحهما: " يحرم". للحديث الذي ذكره مسلم بعد هذا "حديث أبي رافع".

                                                                                                                              وبالتحريم قال أبو حنيفة، وسائر الكوفيين.

                                                                                                                              وبالإباحة قال مالك.

                                                                                                                              وادعى ابن بطال: أن الخلاف إنما هو في موالي بني هاشم. وأما موالي غيرهم، فتباح لهم بالإجماع.

                                                                                                                              قال النووي : وليس كما قال؛ بل الأصح تحريمها على موالي بني هاشم وبني المطلب، ولا فرق بينهما. انتهى.

                                                                                                                              قال الشوكاني في (السيل الجرار) : الأدلة المتواترة تواترا معنويا، قد دلت على تحريم الزكاة على آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

                                                                                                                              وتكثير المقال، وتطويل الاستدلال، في مثل هذا المقام: لا يأتي بكثير فائدة.

                                                                                                                              وأما تحريمها على مواليهم، فلحديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الصدقة لا تحل لنا، وإن موالي القوم من أنفسهم) .

                                                                                                                              [ ص: 502 ] أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي . والترمذي، وصححه. وصححه أيضا ابن خزيمة، وابن حبان . انتهى.

                                                                                                                              قلت: وكذا الحق تحريمها عليهم، ولو من هاشمي إلى هاشمي، لعموم الأدلة.

                                                                                                                              وقد بسطت القول على هذه المسألة، في كتاب (دليل الطالب) فلا نعيده؛ (فراجعه إن شئت)




                                                                                                                              الخدمات العلمية