الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا

                                                                                                                                                                                                ليس ها هنا قدوم ولا ما يشبه القدوم ، ولكن مثلا حال هؤلاء وأعمالهم التي عملوها في كفرهم من صلة رحم ، وإغاثة ملهوف ، وقرى ضيف ، ومن على أسير ، وغير ذلك من مكارمهم ومحاسنهم بحال قوم خالفوا سلطانهم واستعصوا عليه ، فقدم إلى أشيائهم ، وقصد إلى ما تحت أيديهم فأفسدها ومزقها كل ممزق ، ولم يترك لها أثرا ولا عثيرا والهباء : ما يخرج من الكوة مع ضوء الشمس شبيه الغبار . وفي أمثالهم : أقل من الهباء "منثورا" صفة للهباء ، شبهه بالهباء في قلته وحقارته عنده ، وأنه لا ينتفع به ، ثم بالمنثور منه ؛ لأنك تراه منتظما مع الضوء ، فإذا حركته الريح رأيته قد تناثر وذهب كل مذهب . ونحوه قوله : كعصف مأكول [الفيل : 5 ] لم يكف أن شبههم بالعصف حتى جعله مؤوفا [ ص: 344 ] بالأكال ولا أن شبه عملهم بالهباء حتى جعله متناثرا . أو مفعول ثالث لجعلناه أي فجعلناه جامعا لحقارة الهباء والتناثر ، كقوله : كونوا قردة خاسئين [البقرة : 65 ] ، أي جامعين للمسخ والخسء . ولام الهباء واو ، بدليل الهبوة .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية