الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      الرحمن على العرش استوى

                                                                                                                                                                                                                                      الرحمن رفع على المدح ، أي : هو الرحمن . وقد عرفت في صدر (سورة البقرة ) أن المرفوع مدحا في حكم الصفة الجارية في ما قبله ، وإن لم يكن تابعا له في الإعراب ، ولذلك التزموا حذف المبتدإ ليكون في صورة متعلق من [ ص: 5 ] متعلقاته . وقد قرئ بالجر على أنه صفة صريحة للموصول ، وما قيل من أن الأسماء الناقصة لا يوصف منها إلا الذي وحده مذهب الكوفيين . وأيا ما كان فوصفه بالرحمانية إثر وصفه بخالقية السموات والأرض للإشعار بأن خلقهما من آثار رحمته تعالى . كما أن قوله تعالى : رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن للإيذان بأن ربوبيته تعالى بطريق الرحمة ، وفيه إشارة إلى أن تنزيل القرآن أيضا من أحكام رحمته تعالى ، كما ينبئ عنه قوله تعالى : الرحمن علم القرآن ، أو رفع على الابتداء ، واللام للعهد ، والإشارة إلى الموصول ، والخبر قوله تعالى على العرش استوى ، وجعل الرحمة عنوان الموضوع الذي شأنه أن يكون معلوم الثبوت للموضوع عند المخاطب للإيذان بأن ذلك أمر بين لا سترة به غني عن الإخبار به صريحا ، و"على" متعلقة باستوى قدمت عليه لمراعاة الفواصل . والجار والمجرور على الأول خبر مبتدإ محذوف ، كما في القراءة الجر . وقد جوز أن يكون خبرا بعد خبر .

                                                                                                                                                                                                                                      والاستواء على العرش : مجاز عن الملك والسلطان ، متفرع على الكناية فيمن يجوز عليه القعود على السرير . يقال : استوى فلان على سرير الملك ، يراد به : ملك ، وإن لم يقعد على السرير أصلا . والمراد : بيان تعلق إرادته الشريفة إيجاد الكائنات وتدبير أمرها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية