الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=29597المشهور من الحديث هو قسمان : صحيح وغيره ، ومشهور بين أهل الحديث خاصة وبينهم وبين غيرهم .
ومنه المتواتر المعروف في الفقه وأصوله ، ولا يذكره المحدثون ، وهو قليل لا يكاد يوجد في رواياتهم ، وهو ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة عن مثلهم من أوله إلى آخره ، وحديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=10344307من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " متواتر ، لا حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347749إنما الأعمال بالنيات " .
( النوع الثلاثون : nindex.php?page=treesubj&link=29597المشهور من الحديث ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : ومعنى الشهرة مفهوم ، فاكتفي بذلك عن حده .
وقال البلقيني : لم يذكر له ضابطا ، وفي كتب الأصول المشهورة : ويقال له المستفيض الذي تزيد نقلته على ثلاثة .
وقال شيخ الإسلام : المشهور ما له طرق محصورة بأكثر من اثنين ، ولم يبلغ حد التواتر ، سمي بذلك لوضوحه ، وسماه جماعة من الفقهاء المستفيض لانتشاره ، من فاض الماء يفيض فيضا .
ومنهم من غاير بينهما : بأن المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه سواء ، والمشهور أهم من ذلك ، ومنهم من عكس .
( هو قسمان : صحيح ، وغيره ) أي حسن وضعيف ، ( ومشهور بين أهل الحديث خاصة ، و ) مشهور ( بينهم وبين غيرهم ) من العلماء والعامة .
وقد يراد به ما اشتهر على الألسنة ، وهذا يطلق على ما له إسناد واحد فصاعدا ، [ ص: 622 ] بل ما لا يوجد له إسناد أصلا .
وقد صنف في هذا القسم الزركشي : " التذكرة في الأحاديث المشتهرة " ، وألفت فيه كتابا مرتبا على حروف المعجم استدركت فيه مما فاته الجم الغفير .
مثال المشهور على الاصطلاح وهو صحيح حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347928إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347929من أتى الجمعة فليغتسل .
ومثله الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=12795وابن الصلاح بحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347749إنما الأعمال بالنيات .
فاعترض : بأن الشهرة إنما طرأت له من عند nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، وأول الإسناد فرد كما تقدم .
ومثاله وهو حسن حديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347707طلب العلم فريضة على كل مسلم " .
فقد قال المزي : إن له طرقا يرتقي بها إلى رتبة الحسن .
ومثاله وهو ضعيف : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347930الأذنان من الرأس " ، مثل به الحاكم .
[ ص: 623 ] ومثال المشهور عند أهل الحديث خاصة حديث أنس : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347931إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان .
أخرجه الشيخان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16043سليمان التيمي ، عن أبي مجلز ، عن أنس .
وقد رواه عن أنس غير أبي مجلز ، وعن أبي مجلز غير سليمان ، وعن سليمان جماعة ، وهو مشهور بين أهل الحديث ، وقد يستغربه غيرهم ، لأن الغالب على رواية التيمي عن أنس كونها بلا واسطة .
ومثال المشهور عند أهل الحديث والعلماء والعوام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347932المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " .
ومثال المشهور عند الفقهاء : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347933أبغض الحلال عند الله الطلاق " ، صححه الحاكم .
" nindex.php?page=hadith&LINKID=10347934من سئل عن علم فكتمه " الحديث ، حسنه الترمذي .
" لا غيبة لفاسق " ، حسنه بعض الحفاظ ، وضعفه البيهقي وغيره .
[ ص: 624 ] " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347935لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " ، ضعفه الحفاظ .
" استاكوا عرضا وادهنوا غبا واكتحلوا وترا " .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : بحثت عنه فلم أجد له أصلا ولا ذكرا في شيء من كتب الحديث .
ومثال المشهور عند الأصوليين : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347937رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ، صححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، والحاكم بلفظ : " إن الله وضع " .
ومثال المشهور عند النحاة : " نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه " .
قال العراقي وغيره : لا أصل له ، ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث .
ومثال المشهور بين العامة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347940من دل على خير فله مثل أجر فاعله " ، أخرجه مسلم .
" مداراة الناس صدقة " ، صححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان .
" nindex.php?page=hadith&LINKID=2004753العجلة من الشيطان " ، حسنه الترمذي أيضا .
" اختلاف أمتي رحمة " .
" نية المؤمن خير من عمله " .
" من بورك له في شيء فليلزمه " .
" nindex.php?page=hadith&LINKID=10347946الخير عادة " .
" عرفوا ولا تعنفوا " .
" جبلت القلوب على حب من أحسن إليها " .
" أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم " ، وكلها ضعيفة .
[ ص: 626 ] " من عرف نفسه فقد عرف ربه " .
" كنت كنزا لا أعرف " .
" الباذنجان لما أكل له " .
" يوم صومكم يوم نحركم " .
" من بشرني بآذار بشرته بالجنة " .
وكلها باطلة لا أصل لها ، وكتابنا الذي أشرنا إليه كافل ببيان هذا النوع من الأحاديث والآثار والموقوفات بيانا شافيا ولله الحمد .
( ومنه ) أي nindex.php?page=treesubj&link=29599_29600من المشهور ( المتواتر المعروف في الفقه وأصوله ولا يذكره المحدثون ) باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص ، وإن وقع في كلام الخطيب ؛ ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث ؛ قاله nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح .
قيل : وقد ذكره الحاكم ، nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر ، nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم .
وأجاب العراقي بأنهم لم يذكروه باسمه المشعر بمعناه ، بل وقع في كلامهم تواترا [ ص: 627 ] عنه صلى الله عليه وسلم كذا ، وأن الحديث الفلاني متواتر .
( وهو قليل لا يكاد يوجد في رواياتهم ، وهو ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة ) بأن يكونوا جمعا لا يمكن تواطؤهم على الكذب ، ( عن مثلهم من أوله ) أي الإسناد ( إلى آخره ) ؛ ولذلك يجب العمل به من غير بحث عن رجاله ، ولا يعتبر فيه عدد معين في الأصح .
قال القاضي الباقلاني : ولا يكفي الأربعة ، وما فوقها صالح ، وتوقف في الخمسة .
وقال الإصطخري : أقله عشرة ، وهو المختار ، لأنه أول جموع الكثرة .
وقيل : اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل .
وقيل : عشرون .
وقيل : أربعون .
وقيل : سبعون عدة أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام .
وقيل : ثلاثمائة وبضعة عشر ، عدة أصحاب طالوت وأهل بدر ، لأن كل ما ذكر من العدد المذكور في الأدلة المذكورة أفاد العلم .
( وحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=10344307من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار متواتر ) ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : رواه اثنان وستون من الصحابة .
وقال غيره : رواه أكثر من مائة نفس .
[ ص: 628 ] وفي شرح مسلم للمصنف : رواه نحو مائتين .
قال العراقي : وليس في هذا المتن بعينه ، ولكنه في مطلق الكذب ، والخاص بهذا المتن رواية بضعة وسبعين صحابيا : العشرة المشهود لهم بالجنة ، أسامة " قا " ، nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك " خ م " ، أوس بن أوس " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب " طب " ، بريدة " عد " ، جابر بن حابس " نع " ، nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله " م " ، حذيفة بن أسد " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان " طب " ، خالد بن عرفطة " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد " طب " ، سعد بن المدحاس " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=3571سفينة " عد " ، سليمان بن خالد الخزاعي " قط " ، nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي " قط " ، nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع " خ " ، nindex.php?page=showalam&ids=52صهيب بن سنان " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى " قا " ، عبد الله بن زغب " نع " ، ابن الزبير " قط " ، nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر " حم " ، ابن عمرو " خ " ، nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " ت ن " ، nindex.php?page=showalam&ids=364عتبة بن غزوان " طب " ، العرس بن عميرة " طب " ، عفان بن حبيب " ك " ، nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين " بز " ، nindex.php?page=showalam&ids=146عمرو بن حريث " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة " طب " ، عمرو بن عوف " طب " ، عمرو بن مرة الجهني " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد بن عبادة " حم " ، كعب بن قطبة " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل " طب " ، معاوية بن حيدة " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة " نع " ، المنقع التميمي " خل " ، نبيط بن شريط " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=105واثلة بن الأسقع " عد " ، يزيد بن أسد " قط " ، يعلى بن مرة " مي " ، أبو أمامة " طب " ، أبو الحمراء " طب " ، أبو ذر " قط " ، أبو رافع " قط " ، أبو رمثة " قط " ، nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة ، أبو قرصافة " عد " ، أبو كبشة الأنماري " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري " طب " ، أبو موسى الغافقي [ ص: 629 ] " حم " ، أبو ميمون الكردي " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، والد أبي العشراء الدارمي " خل " ، والد أبي مالك الأشجعي " بز " ، عائشة " قط " ، أم أيمن " قط " ، وقد أعلمت على كل واحد رمز من أخرج حديثه من الأئمة ؛ " حم " في مسنده لأحمد ، و " طب " nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني ، و " قط " nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني ، و " عد " nindex.php?page=showalam&ids=13357لابن عدي في " الكامل " ، و " بز " لمسند البزار ، و " قا " لابن قانع في معجمه ، و " خل " nindex.php?page=showalam&ids=17404للحافظ يوسف بن خليل في كتابه الذي جمع فيه طرق هذا الحديث ، و " نع " لأبي نعيم ، و " مي " لمسند الدارمي ، و " ك " لمستدرك الحاكم ، و " ت " nindex.php?page=showalam&ids=13948للترمذي ، و " ن " nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي ، و " خ م " nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري ومسلم . ( لا حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347749إنما الأعمال بالنيات " ) أي ليس بمتواتر كما تقدم تحقيقه في نوع الشاذ .
تنبيهات
الأول : قال شيخ الإسلام : nindex.php?page=treesubj&link=29602ما ادعاه nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح من عزة المتواتر ، وكذا ما ادعاه غيره من العدم ممنوع ؛ لأن ذلك نشأ عن قلة الاطلاع على كثرة الطرق ، وأحوال الرجال ، وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطئوا على الكذب ، أو يحصل منهم اتفاقا .
قال : ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث ، أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مؤلفيها ، إذا اجتمعت على إخراج حديث ، وتعددت طرقه تعددا تحيل العادة تواطؤهم على الكذب ؛ أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله .
قال : ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير .
قلت : قد ألفت في هذا النوع كتابا لم أسبق إلى مثله سميته : " الأزهار المتناثرة [ ص: 630 ] في الأخبار المتواترة " مرتبا على أبواب ، أوردت فيه كل حديث بأسانيد من خرجه . وطرقه .
ثم لخصته في جزء لطيف سميته : " قطف الأزهار " ، اقتصرت فيه على عزو كل طريق لمن أخرجها من الأئمة ، وأوردت فيه أحاديث كثيرة .
منها : حديث الحوض من رواية نيف وخمسين صحابيا .
وحديث المسح على الخفين من رواية سبعين صحابيا .
وحديث رفع اليدين في الصلاة من رواية نحو خمسين .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347953نضر الله امرأ سمع مقالتي من رواية نحو ثلاثين .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347954نزل القرآن على سبعة أحرف ، من رواية سبع وعشرين .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347955من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ، من رواية عشرين .
وكذا حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347956كل مسكر حرام .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347957بدأ الإسلام غريبا .
وحديث سؤال منكر ونكير .
[ ص: 631 ] وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347958كل ميسر لما خلق له .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10343522المرء مع من أحب .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347959إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347960بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة .
كلها متواترة ، في أحاديث جمة أودعناها كتابنا المذكور ، ولله الحمد .
الثاني : قد nindex.php?page=treesubj&link=29601قسم أهل الأصول المتواتر إلى :
لفظي : وهو ما تواتر لفظه .
ومعنوي : وهو أن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب وقائع مختلفة تشترك في أمر ، يتواتر ذلك القدر المشترك .
كما إذا نقل رجل عن حاتم مثلا أنه أعطى جملا ، وآخر أنه أعطى فرسا ، وآخر أنه أعطى دينارا ، وهلم جرا ؛ فيتواتر القدر المشترك بين أخبارهم ، وهو الإعطاء ، لأن وجوده مشترك من جميع هذه القضايا .
قلت : وذلك أيضا يتأتى في الحديث ، فمنه ما تواتر لفظه كالأمثلة السابقة ، ومنه ما تواتر معناه كأحاديث رفع اليدين في الدعاء .
فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث ، فيه رفع يديه في الدعاء ، وقد جمعتها في جزء لكنها في قضايا مختلفة ؛ فكل قضية منها لم تتواتر ، والقدر المشترك فيها وهو [ ص: 632 ] الرفع عند الدعاء ، تواتر باعتبار المجموع .
( النوع الثلاثون : nindex.php?page=treesubj&link=29597المشهور من الحديث ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : ومعنى الشهرة مفهوم ، فاكتفي بذلك عن حده .
وقال البلقيني : لم يذكر له ضابطا ، وفي كتب الأصول المشهورة : ويقال له المستفيض الذي تزيد نقلته على ثلاثة .
وقال شيخ الإسلام : المشهور ما له طرق محصورة بأكثر من اثنين ، ولم يبلغ حد التواتر ، سمي بذلك لوضوحه ، وسماه جماعة من الفقهاء المستفيض لانتشاره ، من فاض الماء يفيض فيضا .
ومنهم من غاير بينهما : بأن المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه سواء ، والمشهور أهم من ذلك ، ومنهم من عكس .
( هو قسمان : صحيح ، وغيره ) أي حسن وضعيف ، ( ومشهور بين أهل الحديث خاصة ، و ) مشهور ( بينهم وبين غيرهم ) من العلماء والعامة .
وقد يراد به ما اشتهر على الألسنة ، وهذا يطلق على ما له إسناد واحد فصاعدا ، [ ص: 622 ] بل ما لا يوجد له إسناد أصلا .
وقد صنف في هذا القسم الزركشي : " التذكرة في الأحاديث المشتهرة " ، وألفت فيه كتابا مرتبا على حروف المعجم استدركت فيه مما فاته الجم الغفير .
مثال المشهور على الاصطلاح وهو صحيح حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347928إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347929من أتى الجمعة فليغتسل .
ومثله الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=12795وابن الصلاح بحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347749إنما الأعمال بالنيات .
فاعترض : بأن الشهرة إنما طرأت له من عند nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، وأول الإسناد فرد كما تقدم .
ومثاله وهو حسن حديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347707طلب العلم فريضة على كل مسلم " .
فقد قال المزي : إن له طرقا يرتقي بها إلى رتبة الحسن .
ومثاله وهو ضعيف : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347930الأذنان من الرأس " ، مثل به الحاكم .
[ ص: 623 ] ومثال المشهور عند أهل الحديث خاصة حديث أنس : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347931إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان .
أخرجه الشيخان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16043سليمان التيمي ، عن أبي مجلز ، عن أنس .
وقد رواه عن أنس غير أبي مجلز ، وعن أبي مجلز غير سليمان ، وعن سليمان جماعة ، وهو مشهور بين أهل الحديث ، وقد يستغربه غيرهم ، لأن الغالب على رواية التيمي عن أنس كونها بلا واسطة .
ومثال المشهور عند أهل الحديث والعلماء والعوام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347932المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " .
ومثال المشهور عند الفقهاء : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347933أبغض الحلال عند الله الطلاق " ، صححه الحاكم .
" nindex.php?page=hadith&LINKID=10347934من سئل عن علم فكتمه " الحديث ، حسنه الترمذي .
" لا غيبة لفاسق " ، حسنه بعض الحفاظ ، وضعفه البيهقي وغيره .
[ ص: 624 ] " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347935لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " ، ضعفه الحفاظ .
" استاكوا عرضا وادهنوا غبا واكتحلوا وترا " .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : بحثت عنه فلم أجد له أصلا ولا ذكرا في شيء من كتب الحديث .
ومثال المشهور عند الأصوليين : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347937رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ، صححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، والحاكم بلفظ : " إن الله وضع " .
ومثال المشهور عند النحاة : " نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه " .
قال العراقي وغيره : لا أصل له ، ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث .
ومثال المشهور بين العامة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347940من دل على خير فله مثل أجر فاعله " ، أخرجه مسلم .
" مداراة الناس صدقة " ، صححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان .
" nindex.php?page=hadith&LINKID=2004753العجلة من الشيطان " ، حسنه الترمذي أيضا .
" اختلاف أمتي رحمة " .
" نية المؤمن خير من عمله " .
" من بورك له في شيء فليلزمه " .
" nindex.php?page=hadith&LINKID=10347946الخير عادة " .
" عرفوا ولا تعنفوا " .
" جبلت القلوب على حب من أحسن إليها " .
" أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم " ، وكلها ضعيفة .
[ ص: 626 ] " من عرف نفسه فقد عرف ربه " .
" كنت كنزا لا أعرف " .
" الباذنجان لما أكل له " .
" يوم صومكم يوم نحركم " .
" من بشرني بآذار بشرته بالجنة " .
وكلها باطلة لا أصل لها ، وكتابنا الذي أشرنا إليه كافل ببيان هذا النوع من الأحاديث والآثار والموقوفات بيانا شافيا ولله الحمد .
( ومنه ) أي nindex.php?page=treesubj&link=29599_29600من المشهور ( المتواتر المعروف في الفقه وأصوله ولا يذكره المحدثون ) باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص ، وإن وقع في كلام الخطيب ؛ ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث ؛ قاله nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح .
قيل : وقد ذكره الحاكم ، nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر ، nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم .
وأجاب العراقي بأنهم لم يذكروه باسمه المشعر بمعناه ، بل وقع في كلامهم تواترا [ ص: 627 ] عنه صلى الله عليه وسلم كذا ، وأن الحديث الفلاني متواتر .
( وهو قليل لا يكاد يوجد في رواياتهم ، وهو ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة ) بأن يكونوا جمعا لا يمكن تواطؤهم على الكذب ، ( عن مثلهم من أوله ) أي الإسناد ( إلى آخره ) ؛ ولذلك يجب العمل به من غير بحث عن رجاله ، ولا يعتبر فيه عدد معين في الأصح .
قال القاضي الباقلاني : ولا يكفي الأربعة ، وما فوقها صالح ، وتوقف في الخمسة .
وقال الإصطخري : أقله عشرة ، وهو المختار ، لأنه أول جموع الكثرة .
وقيل : اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل .
وقيل : عشرون .
وقيل : أربعون .
وقيل : سبعون عدة أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام .
وقيل : ثلاثمائة وبضعة عشر ، عدة أصحاب طالوت وأهل بدر ، لأن كل ما ذكر من العدد المذكور في الأدلة المذكورة أفاد العلم .
( وحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=10344307من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار متواتر ) ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : رواه اثنان وستون من الصحابة .
وقال غيره : رواه أكثر من مائة نفس .
[ ص: 628 ] وفي شرح مسلم للمصنف : رواه نحو مائتين .
قال العراقي : وليس في هذا المتن بعينه ، ولكنه في مطلق الكذب ، والخاص بهذا المتن رواية بضعة وسبعين صحابيا : العشرة المشهود لهم بالجنة ، أسامة " قا " ، nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك " خ م " ، أوس بن أوس " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب " طب " ، بريدة " عد " ، جابر بن حابس " نع " ، nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله " م " ، حذيفة بن أسد " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان " طب " ، خالد بن عرفطة " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد " طب " ، سعد بن المدحاس " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=3571سفينة " عد " ، سليمان بن خالد الخزاعي " قط " ، nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي " قط " ، nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع " خ " ، nindex.php?page=showalam&ids=52صهيب بن سنان " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى " قا " ، عبد الله بن زغب " نع " ، ابن الزبير " قط " ، nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر " حم " ، ابن عمرو " خ " ، nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " ت ن " ، nindex.php?page=showalam&ids=364عتبة بن غزوان " طب " ، العرس بن عميرة " طب " ، عفان بن حبيب " ك " ، nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين " بز " ، nindex.php?page=showalam&ids=146عمرو بن حريث " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة " طب " ، عمرو بن عوف " طب " ، عمرو بن مرة الجهني " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد بن عبادة " حم " ، كعب بن قطبة " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل " طب " ، معاوية بن حيدة " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة " نع " ، المنقع التميمي " خل " ، نبيط بن شريط " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=105واثلة بن الأسقع " عد " ، يزيد بن أسد " قط " ، يعلى بن مرة " مي " ، أبو أمامة " طب " ، أبو الحمراء " طب " ، أبو ذر " قط " ، أبو رافع " قط " ، أبو رمثة " قط " ، nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري " حم " ، nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة ، أبو قرصافة " عد " ، أبو كبشة الأنماري " خل " ، nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري " طب " ، أبو موسى الغافقي [ ص: 629 ] " حم " ، أبو ميمون الكردي " طب " ، nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، والد أبي العشراء الدارمي " خل " ، والد أبي مالك الأشجعي " بز " ، عائشة " قط " ، أم أيمن " قط " ، وقد أعلمت على كل واحد رمز من أخرج حديثه من الأئمة ؛ " حم " في مسنده لأحمد ، و " طب " nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني ، و " قط " nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني ، و " عد " nindex.php?page=showalam&ids=13357لابن عدي في " الكامل " ، و " بز " لمسند البزار ، و " قا " لابن قانع في معجمه ، و " خل " nindex.php?page=showalam&ids=17404للحافظ يوسف بن خليل في كتابه الذي جمع فيه طرق هذا الحديث ، و " نع " لأبي نعيم ، و " مي " لمسند الدارمي ، و " ك " لمستدرك الحاكم ، و " ت " nindex.php?page=showalam&ids=13948للترمذي ، و " ن " nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي ، و " خ م " nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري ومسلم . ( لا حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347749إنما الأعمال بالنيات " ) أي ليس بمتواتر كما تقدم تحقيقه في نوع الشاذ .
تنبيهات
الأول : قال شيخ الإسلام : nindex.php?page=treesubj&link=29602ما ادعاه nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح من عزة المتواتر ، وكذا ما ادعاه غيره من العدم ممنوع ؛ لأن ذلك نشأ عن قلة الاطلاع على كثرة الطرق ، وأحوال الرجال ، وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطئوا على الكذب ، أو يحصل منهم اتفاقا .
قال : ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث ، أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مؤلفيها ، إذا اجتمعت على إخراج حديث ، وتعددت طرقه تعددا تحيل العادة تواطؤهم على الكذب ؛ أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله .
قال : ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير .
قلت : قد ألفت في هذا النوع كتابا لم أسبق إلى مثله سميته : " الأزهار المتناثرة [ ص: 630 ] في الأخبار المتواترة " مرتبا على أبواب ، أوردت فيه كل حديث بأسانيد من خرجه . وطرقه .
ثم لخصته في جزء لطيف سميته : " قطف الأزهار " ، اقتصرت فيه على عزو كل طريق لمن أخرجها من الأئمة ، وأوردت فيه أحاديث كثيرة .
منها : حديث الحوض من رواية نيف وخمسين صحابيا .
وحديث المسح على الخفين من رواية سبعين صحابيا .
وحديث رفع اليدين في الصلاة من رواية نحو خمسين .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347953نضر الله امرأ سمع مقالتي من رواية نحو ثلاثين .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347954نزل القرآن على سبعة أحرف ، من رواية سبع وعشرين .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347955من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ، من رواية عشرين .
وكذا حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347956كل مسكر حرام .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347957بدأ الإسلام غريبا .
وحديث سؤال منكر ونكير .
[ ص: 631 ] وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347958كل ميسر لما خلق له .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10343522المرء مع من أحب .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347959إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة .
وحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10347960بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة .
كلها متواترة ، في أحاديث جمة أودعناها كتابنا المذكور ، ولله الحمد .
الثاني : قد nindex.php?page=treesubj&link=29601قسم أهل الأصول المتواتر إلى :
لفظي : وهو ما تواتر لفظه .
ومعنوي : وهو أن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب وقائع مختلفة تشترك في أمر ، يتواتر ذلك القدر المشترك .
كما إذا نقل رجل عن حاتم مثلا أنه أعطى جملا ، وآخر أنه أعطى فرسا ، وآخر أنه أعطى دينارا ، وهلم جرا ؛ فيتواتر القدر المشترك بين أخبارهم ، وهو الإعطاء ، لأن وجوده مشترك من جميع هذه القضايا .
قلت : وذلك أيضا يتأتى في الحديث ، فمنه ما تواتر لفظه كالأمثلة السابقة ، ومنه ما تواتر معناه كأحاديث رفع اليدين في الدعاء .
فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث ، فيه رفع يديه في الدعاء ، وقد جمعتها في جزء لكنها في قضايا مختلفة ؛ فكل قضية منها لم تتواتر ، والقدر المشترك فيها وهو [ ص: 632 ] الرفع عند الدعاء ، تواتر باعتبار المجموع .