(
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=69الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=69الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون )
اعلم أنه تعالى لما قدم ذكر نعمه وبين أنه رءوف رحيم بعباده وإن كان منهم من يكفر ولا يشكر ، أتبعه بذكر نعمه بما كلف فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : إنما
nindex.php?page=treesubj&link=28900_28908حذف الواو في قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لكل أمة ) لأنه لا تعلق لهذا الكلام بما قبله ، فلا جرم حذف العاطف .
المسألة الثانية : في المنسك أقوال : أحدها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عيد[ا] يذبحون فيه . وثانيها : قربانا ولفظ
[ ص: 57 ] المنسك مختص بالذبائح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . وثالثها : مألفا يألفونه إما مكانا معينا أو زمانا معينا لأداء الطاعات . ورابعها : المنسك هو الشريعة والمنهاج وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
عطاء واختيار
القفال وهو الأقرب لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) [ المائدة : 48 ] ولأن المنسك مأخوذ من النسك وهو العبادة ، وإذا وقع الاسم على كل عبادة فلا وجه للتخصيص . فإن قيل : هلا حملتموه على الذبح لأن المنسك في العرف لا يفهم منه إلا الذبح ؟ وهلا حملتموه على موضع العبادة أو على وقتها ؟ الجواب عن الأول : لا نسلم أن المنسك في العرف مخصوص بالذبح ، والدليل عليه أن سائر ما يفعل في الحج يوصف بأنه مناسك ولأجله قال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011637خذوا عني مناسككم ، وعن الثاني : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هم ناسكوه ) أليق بالعبادة منه بالوقت والمكان .
المسألة الثالثة : زعم قوم أن المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هم ناسكوه ) من كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم متمسكا بشرع
كاليهود والنصارى ، ولا يمتنع أن يريد كل من تعبد من الأمم سواء بقيت آثارهم أو لم تبق ؛ لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هم ناسكوه ) كالوصف للأمم وإن لم يعبدوا في الحال .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فلا ينازعنك في الأمر ) فقرئ " فلا ينزعنك " أي اثبت في دينك ثباتا لا يطمعون أن يخدعوك ليزيلوك عنه . وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فلا ينازعنك ) ففيه قولان : أحدهما : وهو قول
الزجاج : أنه نهي لهم عن منازعتهم ، كما تقول لا يضاربنك فلان أي لا تضاربه . والثاني : أن المراد أن عليهم اتباعك وترك مخالفتك ، وقد استقر الأمر الآن على شرعك وعلى أنه ناسخ لكل ما عداه . فكأنه تعالى نهى كل أمة بقيت منها بقية أن تستمر على تلك العادة ، وألزمها أن تتحول إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فلذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67وادع إلى ربك ) أي لا تخص بالدعاء أمة دون أمة فكلهم أمتك فادعهم إلى شريعتك فإنك على هدى مستقيم ، والهدى يحتمل نفس الدين ويحتمل أدلة الدين وهو أولى . كأنه قال : ادعهم إلى هذا الدين فإنك من حيث الدلالة على طريقة واضحة ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68وإن جادلوك ) والمعنى فإن عدلوا عن النظر في هذه الأدلة إلى طريقة المراء والتمسك بالعادة فقد بينت وأظهرت ما يلزمك (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68فقل الله أعلم بما تعملون ) لأنه ليس بعد إيضاح الأدلة إلا هذا الجنس الذي يجري مجرى الوعيد والتحذير من حكم يوم القيامة الذي يتردد بين جنة وثواب لمن قبل ، وبين نار وعقاب لمن رد وأنكر . فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=69الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ) فتعرفون حينئذ الحق من الباطل والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=69اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=69اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَدَّمَ ذِكْرَ نِعَمِهِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْفُرُ وَلَا يَشْكُرُ ، أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ نِعَمِهِ بِمَا كَلَّفَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : إِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=28900_28908حَذَفَ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لِكُلِّ أُمَّةٍ ) لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِهَذَا الْكَلَامِ بِمَا قَبْلَهُ ، فَلَا جَرَمَ حَذَفَ الْعَاطِفَ .
المسألة الثَّانِيَةُ : فِي الْمَنْسَكِ أَقْوَالٌ : أَحَدُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ عِيدً[ا] يَذْبَحُونَ فِيهِ . وَثَانِيهَا : قُرْبَانًا وَلَفْظُ
[ ص: 57 ] الْمَنْسَكِ مُخْتَصٌّ بِالذَّبَائِحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ . وَثَالِثُهَا : مَأْلَفًا يَأْلَفُونَهُ إِمَّا مَكَانًا مُعَيَّنًا أَوْ زَمَانًا مُعَيَّنًا لِأَدَاءِ الطَّاعَاتِ . وَرَابِعُهَا : الْمَنْسَكُ هُوَ الشَّرِيعَةُ وَالْمِنْهَاجُ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ
عَطَاءٍ وَاخْتِيَارُ
الْقَفَّالِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) [ الْمَائِدَةِ : 48 ] وَلِأَنَّ الْمَنْسَكَ مَأْخُوذٌ مِنَ النُّسُكِ وَهُوَ الْعِبَادَةُ ، وَإِذَا وَقَعَ الِاسْمُ عَلَى كُلِّ عِبَادَةٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ . فَإِنْ قِيلَ : هَلَّا حَمَلْتُمُوهُ عَلَى الذَّبْحِ لِأَنَّ الْمَنْسَكَ فِي الْعُرْفِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إِلَّا الذَّبْحُ ؟ وَهَلَّا حَمَلْتُمُوهُ عَلَى مَوْضِعِ الْعِبَادَةِ أَوْ عَلَى وَقْتِهَا ؟ الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَنْسَكَ فِي الْعُرْفِ مَخْصُوصٌ بِالذَّبْحِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ سَائِرَ مَا يُفْعَلُ فِي الْحَجِّ يُوصَفُ بِأَنَّهُ مَنَاسِكُ وَلِأَجْلِهِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011637خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ ، وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هُمْ نَاسِكُوهُ ) أَلْيَقُ بِالْعِبَادَةِ مِنْهُ بِالْوَقْتِ وَالْمَكَانِ .
المسألة الثَّالِثَةُ : زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هُمْ نَاسِكُوهُ ) مَنْ كَانَ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَمَسِّكًا بِشَرْعٍ
كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُرِيدَ كُلَّ مَنْ تَعَبَّدَ مِنَ الْأُمَمِ سَوَاءٌ بَقِيَتْ آثَارُهُمْ أَوْ لَمْ تَبْقَ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هُمْ نَاسِكُوهُ ) كَالْوَصْفِ لِلْأُمَمِ وَإِنْ لَمْ يَعْبُدُوا فِي الْحَالِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ) فَقُرِئَ " فَلَا يَنْزِعُنَّكَ " أَيِ اثْبُتْ فِي دِينِكَ ثَبَاتًا لَا يَطْمَعُونَ أَنْ يَخْدَعُوكَ لِيُزِيلُوكَ عَنْهُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فَلَا يُنَازِعُنَّكَ ) فَفِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ
الزَّجَّاجِ : أَنَّهُ نُهِيَ لَهُمْ عَنْ مُنَازَعَتِهِمْ ، كَمَا تَقُولُ لَا يُضَارِبَنَّكَ فُلَانٌ أَيْ لَا تُضَارِبْهُ . وَالثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعَكَ وَتَرْكَ مُخَالَفَتِكَ ، وَقَدِ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ الْآنَ عَلَى شَرْعِكَ وَعَلَى أَنَّهُ نَاسِخٌ لِكُلِّ مَا عَدَاهُ . فَكَأَنَّهُ تَعَالَى نَهَى كُلَّ أُمَّةٍ بَقِيَتْ مِنْهَا بَقِيَّةٌ أَنْ تَسْتَمِرَّ عَلَى تِلْكَ الْعَادَةِ ، وَأَلْزَمَهَا أَنْ تَتَحَوَّلَ إِلَى اتِّبَاعِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ ) أَيْ لَا تَخُصَّ بِالدُّعَاءِ أُمَّةً دُونَ أُمَّةٍ فَكُلُّهُمْ أُمَّتُكَ فَادْعُهُمْ إِلَى شَرِيعَتِكَ فَإِنَّكَ عَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ، وَالْهُدَى يَحْتَمِلُ نَفْسَ الدِّينِ وَيَحْتَمِلُ أَدِلَّةَ الدِّينِ وَهُوَ أَوْلَى . كَأَنَّهُ قَالَ : ادْعُهُمْ إِلَى هَذَا الدِّينِ فَإِنَّكَ مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةِ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاضِحَةٍ وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68وَإِنْ جَادَلُوكَ ) وَالْمَعْنَى فَإِنْ عَدَلُوا عَنِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْأَدِلَّةِ إِلَى طَرِيقَةِ الْمِرَاءِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْعَادَةِ فَقَدْ بَيَّنْتَ وَأَظْهَرْتَ مَا يَلْزَمُكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ إِيضَاحِ الْأَدِلَّةِ إِلَّا هَذَا الْجِنْسُ الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى الْوَعِيدِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ حُكْمِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الَّذِي يَتَرَدَّدُ بَيْنَ جَنَّةٍ وَثَوَابٍ لِمَنْ قَبِلَ ، وَبَيْنَ نَارٍ وَعِقَابٍ لِمَنْ رَدَّ وَأَنْكَرَ . فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=69اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) فَتَعْرِفُونَ حِينَئِذٍ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .