الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون

                                                                                                                                                                                                                                      10 - إن الذين كفروا ينادون ؛ أي: يوم القيامة؛ إذا دخلوا النار؛ ومقتوا أنفسهم؛ فيناديهم خزنة النار: لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم ؛ أي: لمقت الله أنفسكم أكبر من مقتكم أنفسكم"؛ فاستغنى بذكرها مرة؛ و"المقت": أشد البغض؛ وانتصاب إذ تدعون إلى الإيمان ؛ بالمقت الأول؛ عند الزمخشري؛ والمعنى أنه يقال لهم يوم القيامة: كان الله يمقت أنفسكم الأمارة بالسوء؛ والكفر؛ حين كان الأنبياء يدعونكم إلى الإيمان فتأبون قبوله؛ وتختارون عليه الكفر؛ أشد مما تمقتونهن اليوم؛ وأنتم في النار؛ إذا وقعتم فيها؛ باتباعكم هواهن؛ وقيل: معناه: لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض؛ كقوله: ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ؛ و"إذ تدعون"؛ تعليل؛ وقال [ ص: 202 ] "جامع العلوم"؛ وغيره: "إذ"؛ منصوب بفعل مضمر؛ دل عليه "لمقت الله"؛ أي: يمقتهم الله حين دعوا إلى الإيمان فكفروا؛ ولا ينتصب بالمقت الأول؛ لأن قوله: "لمقت الله"؛ مبتدأ؛ وهو مصدر؛ وخبره "أكبر من مقتكم أنفسكم"؛ فلا يعمل في "إذ تدعون"؛ لأن المصدر إذا أخبر عنه لم يجز أن يتعلق به شيء يكون في صلته؛ لأن الإخبار عنه يؤذن بتمامه؛ وما يتعلق به يؤذن بنقصانه؛ ولا بالثاني؛ لاختلاف الزمانين؛ وهذا لأنهم مقتوا أنفسهم في النار؛ وقد دعوا إلى الإيمان في الدنيا؛ فتكفرون ؛ فتصرون على الكفر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية