الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون

                                                                                                                                                                                                                                      83 - فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم ؛ يريد علمهم بأمور الدنيا؛ ومعرفتهم بتدبيرها؛ كما قال: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ؛ فلما جاءتهم الرسل بعلوم الديانات؛ وهي أبعد شيء من علمهم؛ لبعثها على رفض الدنيا؛ والظلف عن الملاذ؛ والشهوات؛ لم يلتفتوا إليها؛ وصغروها؛ واستهزؤوا بها؛ واعتقدوا أنه لا علم أنفع وأجلب للفوائد من علمهم؛ ففرحوا به؛ أو علم الفلاسفة؛ والدهريين؛ فإنهم كانوا إذا سمعوا بوحي الله دفعوه؛ وصغروا علم الأنبياء إلى علمهم؛ وعن سقراط أنه سمع بموسى - عليه السلام -؛ وقيل له: لو هاجرت إليه؛ فقال: نحن قوم مهذبون؛ فلا حاجة بنا إلى من يهذبنا؛ أو المراد: فرحوا بما عند الرسل من العلم فرح ضحك منه؛ واستهزاء به؛ كأنه قال: "استهزؤوا بالبينات وبما جاءوا به من علم الوحي؛ فرحين مرحين"؛ ويدل عليه قوله: وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ؛ أو الفرح للرسل؛ أي: الرسل لما رأوا جهلهم [ ص: 224 ] واستهزاءهم بالحق؛ وعلموا سوء عاقبتهم؛ وما يلحقهم من العقوبة على جهلهم؛ واستهزائهم؛ فرحوا بما أوتوا من العلم؛ وشكروا الله عليه؛ وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية