الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضحك

                                                          ضحك : الضحك : معروف ، ضحك يضحك ضحكا وضحكا وضحكا وضحكا أربع لغات قال الأزهري : ولو قيل ضحكا لكان قياسا لأن مصدر فعل فعل قال الأزهري : وقد جاءت أحرف من المصادر على فعل منها ضحك ضحكا وخنقه خنقا وخضف خضفا وضرط ضرطا وسرق سرقا . والضحكة : المرة الواحدة ومنه قول كثير :


                                                          غمر الرداء ، إذا تبسم ضاحكا غلقت لضحكته رقاب المال

                                                          وفي الحديث : يبعث الله السحاب فيضحك أحسن الضحك ; جعل انجلاءه عن البرق ضحكا استعارة ومجازا كما يفتر الضاحك عن الثغر ، وكقولهم ضحكت الأرض إذا أخرجت نباتها وزهرتها . وتضحك وتضاحك فهو ضاحك وضحاك وضحوك وضحكة : كثير الضحك . وضحكة بالتسكين : يضحك منه يطرد على هذا باب . الليث : الضحكة الشيء الذي يضحك منه . والضحكة : الرجل الكثير الضحك يعاب عليه ورجل ضحاك : نعت على فعال . وضحكت به ومنه بمعنى . وتضاحك الرجل واستضحك بمعنى . وأضحكه الله عز وجل . والأضحوكة : ما يضحك به . وامرأة مضحاك : كثيرة الضحك . قال ابن الأعرابي : الضاحك من السحاب مثل العارض إلا أنه إذا برق قيل ضحك والضحاك مدح والضحكة ذم والضحكة أذم وقد أضحكني الأمر وهم يتضاحكون وقالوا : ضحك الزهر على المثل لأن الزهر لا يضحك حقيقة . والضاحكة : كل سن من مقدم الأضراس مما يندر عند الضحك . والضاحكة : السن التي بين الأنياب والأضراس ، وهي أربع ضواحك . وفي الحديث : ما أوضحوا بضاحكة ; أي ما تبسموا . والضواحك : الأسنان التي تظهر عند التبسم . أبو زيد : للرجل أربع ثنايا وأربع رباعيات وأربع ضواحك ، والواحد ضاحك ، وثنتا عشرة رحى ، وفي كل شق ست : وهي الطواحين ثم النواجذ بعدها ، وهي أقصى الأضراس . والضحك : ظهور الثنايا من الفرح . والضحك : العجب وهو قريب مما تقدم . والضحك : الثغر الأبيض . والضحك : العسل ، شبه بالثغر لشدة بياضه ; قال أبو ذؤيب :


                                                          فجاء بمزج لم ير الناس مثله     هو الضحك إلا أنه عمل النحل

                                                          وقيل : الضحك هنا الشهد ، وقيل : الزبد ، وقيل : الثلج . والضحك أيضا : طلع النخل حين ينشق ، وقال ثعلب : هو ما في جوف الطلعة . وضحكت النخلة وأضحكت : أخرجت الضحك . أبو عمرو : الضحك والضحاك وليع الطلعة الذي يؤكل . والضحك : النور . والضحك : المحجة . وضحكت المرأة : حاضت ; وبه فسر بعضهم [ ص: 20 ] قوله تعالى : فضحكت فبشرناها بإسحاق ; وقد فسر على معنى العجب ، أي عجبت من فزع إبراهيم عليه السلام . وروى الأزهري عن الفراء في تفسير هذه الآية : لما قال رسول الله عز وجل لعبده وخليله إبراهيم : لا تخف ضحكت عند ذلك امرأته ، وكانت قائمة عليهم وهو قاعد ، فضحكت فبشرت بعد الضحك بإسحاق ، وإنما ضحكت سرورا بالأمن ; لأنها خافت كما خاف إبراهيم . وقال بعضهم : هذا مقدم ومؤخر ، المعنى فيه عندهم : فبشرناها بإسحاق فضحكت بالبشارة ; قال الفراء : وهو ما يحتمله الكلام ، والله أعلم بصوابه . قال الفراء : وأما قولهم : فضحكت حاضت فلم أسمعه من ثقة . قال أبو عمرو : وسمعت أبا موسى الحامض يسأل أبا العباس عن قوله : فضحكت أي حاضت ، وقال : إنه قد جاء في التفسير ، فقال : ليس في كلام العرب والتفسير مسلم لأهل التفسير ، فقال له : فأنت أنشدتنا :


                                                          تضحك الضبع لقتلى هذيل     وترى الذئب بها يستهل

                                                          فقال أبو العباس : تضحك هاهنا تكشر ، وذلك أن الذئب ينازعها على القتيل فتكشر في وجهه وعيدا فيتركها مع لحم القتيل ويمر ; قال ابن سيده : وضحكت الأرنب ضحكا حاضت ; قال :


                                                          وضحك الأرانب فوق الصفا     كمثل دم الجوف يوم اللقا

                                                          يعني الحيض فيما زعم بعضهم ; قال ابن الأعرابي في قول تأبط شرا :


                                                          تضحك الضبع لقتلى هذيل

                                                          أي أن الضبع إذا أكلت لحوم الناس أو شربت دماءهم طمثت ، وقد أضحكها الدم ; قال الكميت :


                                                          وأضحكت الضباع سيوف سعد     لقتلى ما دفن ولا ودينا

                                                          وكان ابن دريد يرد هذا ويقول : من شاهد الضباع عند حيضها فيعلم أنها تحيض ؟ وإنما أراد الشاعر أنها تكشر لأكل اللحوم ، وهذا سهو منه فجعل كشرها ضحكا ، وقيل : معناه أنها تستبشر بالقتلى إذا أكلتهم فيهر بعضها على بعض فجعل هريرها ضحكا ، وقيل : أراد أنها تسر بهم فجعل السرور ضحكا لأن الضحك إنما يكون منه كتسمية العنب خمرا ، ويستهل : يصيح ويستعوي الذئاب . قال أبو طالب : وقال بعضهم في قوله : فضحكت حاضت : إن أصله من ضحاك الطلعة إذا انشقت ، قال : وقال الأخطل فيه بمعنى الحيض :


                                                          تضحك الضبع من دماء سليم     إذا رأتها على الحداب تمور

                                                          وكان ابن عباس يقول : ضحكت عجبت من فزع إبراهيم . وقال أبو إسحاق في قوله عز وجل : وامرأته قائمة فضحكت : يروي أنها ضحكت لأنها كانت قالت لإبراهيم : اضمم لوطا ابن أخيك إليك فإني أعلم أنه سينزل بهؤلاء القوم عذاب ، فضحكت سرورا لما أتى الأمر على ما توهمت ، قال : فأما من قال في تفسير ضحكت : حاضت فليس بشيء . وأضحك حوضه : ملأه حتى فاض ، وكأن المعنى قريب بعضه من بعض ; لأنه شيء يمتلئ ثم يفيض ، وكذلك الحيض . والضحوك من الطرق : ما وضح واستبان ; قال :


                                                          على ضحوك النقب مجرهد

                                                          أي مستقيم . والضاحك : حجر أبيض يبدو في الجبل . والضحوك : الطريق الواسع . ضحاك : مستبين ; وقال الفرزدق :


                                                          إذا هي بالركب العجال تردفت     نحائز ضحاك المطالع في نقب

                                                          نحائز الطرق : جوادها . أبو سعيد : ضحكات القلوب من الأموال والأولاد خيارها التي تضحك القلوب إليها . وضحكات كل شيء : خياره . ورأي ضاحك : ظاهر غير ملتبس . ويقال : إن رأيك ليضاحك المشكلات أي تظهر عنده المشكلات حتى تعرف . ويقال : القرد يضحك إذا صوت . وبرقة ضاحك : في ديار تميم . وروضة ضاحك : بالصمان معروفة . والضحاك بن عدنان : زعم ابن دأب المدني أنه الذي ملك الأرض وهو الذي يقال له المذهب وكانت أمه من الجن فلحق بالجن وسدا القرا وتقول العجم : إنه لما عمل السحر وأظهر الفساد أخذ فشد في جبل دنباوند ويقال : إن الذي شده أفريدون الذي كان مسح الدنيا فبلغت أربعة وعشرين ألف فرسخ ; قال الأزهري : وهذا كله باطل لا يؤمن بمثله إلا أحمق لا عقل له .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية