الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد

                                                                                                                                                                                                                                      7 - ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد ؛ أي: ألم تعلم يا محمد علما يوازي العيان في الإيقان؟ وهو استفهام تقرير؛ قيل: لعقب عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح : "عاد"؛ كما يقال لبني هاشم : "هاشم"؛ ثم قيل للأولين منهم: " عاد الأولى "؛ و" إرم "؛ تسمية لهم باسم جدهم؛ ولمن بعدهم: "عاد الأخيرة"؛ فـ " إرم"؛ عطف بيان لـ " عاد "؛ وإيذان بأنهم عاد الأولى القديمة؛ وقيل: " إرم "؛ بلدتهم؛ وأرضهم التي كانوا فيها؛ ويدل عليه قراءة ابن الزبير : "بعاد إرم"؛ على الإضافة؛ وتقديره: " بعاد أهل إرم "؛ كقوله: واسأل القرية ؛ ولم تنصرف؛ قبيلة كانت أو أرضا؛ للتعريف والتأنيث؛ و"ذات العماد"؛ إذا كانت صفة للقبيلة؛ فالمعنى أنهم كانوا بدويين؛ أهل عمد؛ أو طوال الأجسام؛ على تشبيه قدودهم بالأعمدة؛ وإن كانت صفة للبلدة؛ فالمعنى أنها ذات أساطين؛ وروي أنه كان لعاد ابنان: " شداد" ؛ و" شديد"؛ فملكا؛ وقهرا؛ ثم مات "شديد"؛ وخلص الأمر لشداد؛ فملك الدنيا؛ ودانت له ملوكها؛ فسمع بذكر الجنة؛ فقال: أبني مثلها؛ فبنى إرم في بعض صحاري عدن؛ في ثلاثمائة سنة؛ وكان عمره تسعمائة سنة؛ وهي مدينة عظيمة؛ قصورها من الذهب والفضة؛ وأساطينها من الزبرجد والياقوت؛ وفيها أصناف الأشجار والأنهار؛ ولما تم [ ص: 639 ] بناؤها سار إليها بأهل مملكته؛ فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة؛ بعث الله عليهم صيحة من السماء؛ فهلكوا؛ وعن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له؛ فوقع عليها؛ فحمل ما قدر عليه مما ثم؛ وبلغ خبره معاوية؛ فاستحضره؛ فقص عليه؛ فبعث إلى كعب؛ فسأله: فقال: هي إرم ذات العماد؛ وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك؛ أحمر؛ أشقر؛ قصير؛ على حاجبه خال؛ وعلى عقبه خال؛ يخرج في طلب إبل له؛ ثم التفت فأبصر ابن قلابة؛ فقال: هذا والله ذلك الرجل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية