الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مزز

                                                          مزز : المز بالكسر : القدر ، والمز : الفضل ، والمعنيان مقتربان ، وشيء مز ومزيز وأمز أي فاضل ، وقد مز يمز مزازة ومززه : رأى له فضلا أو قدرا ، ومززه بذلك الأمر : فضله ؛ قال المتنخل الهذلي :


                                                          لكان أسوة حجاج وإخوته في جهدنا ، وله شف وتمزيز

                                                          كأنه قال : ولفضلته على حجاج وإخوته ، وهم بنو المتنخل ، ويقال : هذا شيء له مز على هذا أي فضل ، وهذا أمز من هذا أي أفضل ، وهذا له علي مز أي فضل ، وفي حديث النخعي : إذا كان المال ذا مز ففرقه في الأصناف الثمانية ، وإذا كان قليلا فأعطه صنفا واحدا ؛ أي إذا كان ذا فضل وكثرة ، وقد مز مزازة ، فهو مزيز إذا كثر ، وما بقي في الإناء إلا مزة أي قليل ؛ والمز : اسم الشيء المزيز ، والفعل مز يمز وهو الذي يقع موقعا في بلاغته وكثرته وجودته ، الليث : المز من الرمان ما كان طعمه بين حموضة وحلاوة ، والمز بين الحامض والحلو ، وشراب مز بين الحلو والحامض والمز والمزة والمزاء : الخمر اللذيذة الطعم ، سميت بذلك للذعها اللسان ، وقيل : اللذيذة المقطع عن ابن الأعرابي ، قال الفارسى : المزاء على تحويل التضعيف ، والمزاء اسم لها ، ولو كان نعتا لقيل مزاء ، بالفتح ، وقال اللحياني : أهل الشام يقولون : هذه خمرة مزة ، وقال أبو حنيفة : المزة والمزاء الخمر التي تلذع اللسان وليست بالحامضة ؛ قال الأخطل يعيب قوما :


                                                          بئس الصحاة ! وبئس الشرب شربهم !     إذا جرت فيهم المزاء والسكر

                                                          وقال ابن عرس في جنيد بن عبد الرحمن المزي :


                                                          لا تحسبن الحرب نوم الضحى     
                                                          وشربك المزاء بالبارد

                                                          فلما بلغه ذلك قال : كذب علي ! والله ما شربتها قط ؛ المزاء : من أسماء الخمر يكون فعالا من المزية وهي الفضيلة ، تكون من أمزيت فلانا على فلان أي فضلته ، أبو عبيد : المزاء ضرب من الشراب يسكر ، بالضم ، قال الجوهري : وهي فعلاء ، بفتح العين ، فأدغم لأن فعلاء ليس من أبنيتهم ، ويقال : هو فعال من المهموز ؛ قال : وليس بالوجه لأن الاشتقاق ليس يدل على الهمز كما دل في القراء [ ص: 66 ] والسلاء ، قال ابن بري في قول الجوهري : وهو فعلاء فأدغم ، قال : هذا سهو لأنه لو كانت الهمزة للتأنيث لامتنع الاسم من الصرف عند الإدغام كما امتنع قبل الإدغام ، وإنما مزاء فعلاء من المز ، وهو الفضل : والهمز فيه للإلحاق ، فهو بمنزلة قوباء في كونه على وزن فعلاء ، قال : ويجوز أن يكون مزاء فعالا من المزية ، والمعنى فيهما واحد ، لأنه يقال : هو أمزى منه وأمز منه أي أفضل ، وفي الحديث : أخشى أن تكون المزاء التي نهيت عنها عبد القيس ، وهي فعلاء من المزازة أو فعال من المز الفضل ، وفي حديث أنس - رضي الله عنه - : ألا إن المزات حرام ، يعني الخمور ، وهي جمع مزة : الخمر التي فيها حموضة ، ويقال لها المزاء بالمد أيضا ، وقيل : هي من خلط البسر والتمر ، وقال بعضهم : المزة الخمرة التي فيها مزازة ، وهو طعم بين الحلاوة والحموضة ؛ وأنشد :


                                                          مزة قبل مزجها ، فإذا ما     مزجت ، لذ طعمها من يذوق

                                                          وحكى أبو زيد عن الكلابيين : شرابكم مز وقد مز شرابكم أقبح المزازة والمزوزة ، وذلك إذا اشتدت حموضته ، وقال أبو سعيد : المزة بفتح الميم الخمر ؛ وأنشد للأعشى :


                                                          نازعتهم قضب الريحان متكئا     وقهوة مزة راووقها خضل

                                                          قال : ولا يقال مزة ، بالكسر ؛ وقال حسان :


                                                          كأن فاها قهوة مزة     
                                                          حديثة العهد بفض الختام

                                                          الجوهري : المزة الخمر التي فيها طعم حموضة ولا خير فيها ، أبو عمرو : التمزز شرب الشراب قليلا قليلا ، وهو أقل من التمزر وقيل هو مثله ، وفي حديث أبي العالية : اشرب النبيذ ولا تمزز هكذا ، روي مرة بزايين ، ومرة بزاي وراء ، وقد تقدم ، ومزه يمزه مزا أي مصه ، والمزة : المرة الواحدة ، وفي الحديث : لا تحرم المزة ولا المزتان ، يعني في الرضاع ، والتمزز : أكل المز وشربه ، والمزة : المصة منه ، والمزة : مثل المصة من الرضاع ، وروي عن طاوس أنه قال : المزة الواحدة تحرم ، وفي حديث المغيرة : فترضعها جارتها المزة والمزتين أي المصة والمصتين ، وتمززت الشيء : تمصصته ، والمزمزة والبزبزة : التحريك الشديد ، وقد مزمزه : إذا حركه وأقبل به وأدبر ؛ وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - في سكران أتي به : ترتروه ومزمزوه أي حركوه ليستنكه ، ومزمزوه هو أن يحرك تحريكا عنيفا لعله يفيق من سكره ويصحو ، ومزمز : إذا تعتع إنسانا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية