الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نقع

                                                          نقع : نقع الماء في المسيل ونحوه ينقع نقوعا واستنقع : اجتمع . واستنقع الماء في الغدير أي اجتمع وثبت . ويقال : استنقع الماء : إذا اجتمع في نهي أو غيره ، وكذلك نقع ينقع نقوعا . ويقال : طال إنقاع الماء واستنقاعه حتى اصفر . والمنقع بالفتح : الموضع يستنقع فيه الماء ، والجمع مناقع . وفي حديث محمد بن كعب : إذا استنقعت نفس المؤمن جاءه ملك الموت أي إذا اجتمعت في فيه تريد الخروج كما يستنقع الماء في قراره ، وأراد بالنفس الروح ، قال الأزهري : ولهذا الحديث مخرج آخر وهو قولهم : نقعته : إذا قتلته ، وقيل : إذا استنقعت يعني إذا خرجت ، قال شمر : ولا أعرفها ، قال ابن مقبل :


                                                          مستنقعان على فضول المشفر



                                                          قال أبو عمرو : يعني نابي الناقة أنهما مستنقعان في اللغام ، وقال خالد بن جنبة : مصوتان . والنقع : محبس الماء ، والنقع : الماء الناقع أي المجتمع . ونقع البئر : الماء المجتمع فيها قبل أن يستقى . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا يمنع نقع البئر ولا رهو الماء . وفي الحديث : لا يقعد أحدكم في طريق أو نقع ماء . يعني عند الحدث وقضاء الحاجة . والنقيع : البئر الكثيرة الماء مذكر والجمع أنقعة ، وكل مجتمع ماء نقع ، والجمع نقعان . والنقع : القاع منه ، وقيل : هي الأرض الحرة الطين ليس فيها ارتفاع ولا انهباط ، ومنهم من خصص وقال : التي يستنقع فيها الماء ، وقيل : هو ما ارتفع من الأرض والجمع نقاع وأنقع ، مثل بحر وبحار وأبحر ، وقيل النقاع قيعان الأرض ؛ وأنشد :


                                                          يسوف بأنفيه النقاع كأنه     عن الروض من فرط النشاط كعيم



                                                          وقال أبو عبيد : نقع البئر فضل مائها الذي يخرج منها أو من العين قبل أن يصير في إناء أو وعاء ، قال : وفسره الحديث الآخر : من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ منعه الله فضله يوم القيامة . وأصل هذا في البئر يحتفرها الرجل بالفلاة من الأرض يسقي بها مواشيه فإذا سقاها فليس له أن يمنع الماء الفاضل عن مواشيه مواشي غيره أو شاربا يشرب بشفته ، وإنما قيل للماء نقع لأنه ينقع به العطش أي يروى به . يقال : نقع بالري وبضع . ونقع السم في أنياب الحية : اجتمع ، وأنقعته الحية ؛ قال :


                                                          أبعد الذي قد لج تتخذينني

                                                          عدوا     وقد جرعتني السم منقعا



                                                          وقيل : أنقع السم : عتقه . ويقال : سم ناقع أي بالغ قاتل ، وقد نقعه أي قتله ، وقيل : ثابت مجتمع من نقع الماء . ويقال : سم منقوع ونقيع وناقع ، ومنه قول النابغة :

                                                          فبت كأني ساورتني ضئيلة من الرقش في أنيابها السم ناقع

                                                          وفي حديث بدر : رأيت البلايا تحمل المنايا ، نواضح يثرب تحمل السم الناقع . وموت ناقع أي دائم . ودم ناقع أي طري ، قال قسام بن رواحة :


                                                          وما زال من قتلى رزاح بعالج     دم ناقع أو جاسد غير ماصح



                                                          قال أبو سعيد : يريد بالناقع الطري ، وبالجاسد القديم . وسم منقع أي مربى ؛ قال الشاعر :


                                                          فيها ذراريح وسم منقع



                                                          يعني في كأس الموت . واستنقع في الماء : ثبت فيه يبترد ، والموضع مستنقع وكان عطاء يستنقع في حياض عرفة أي يدخلها ويتبرد بمائها . واستنقع الشيء في الماء ، على ما لم يسم فاعله . والنقيع والنقيعة : المحض من اللبن يبرد ، قال ابن بري : شاهده قول الشاعر :


                                                          أطوف ما أطوف ثم آوي     إلى أمي ويكفيني النقيع



                                                          [ ص: 342 ] وهو المنقع أيضا ، قال الشاعر يصف فرسا :


                                                          قانى له في الصيف ظل بارد     ونصي ناعجة ومحض منقع



                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده ونصي باعجة ، بالباء ، قال أبو هشام : الباعجة هي الوعساء ذات الرمث والحمض ، وقيل : هي السهلة المستوية تنبت الرمث والبقل وأطايب العشب ، وقيل : هي متسع الوادي ، وقانى له أي دام له ، قال الأزهري : أصله من أنقعت اللبن ، فهو نقيع ، ولا يقال منقع ، ولا يقولون نقعته ، قال : وهذا سماعي من العرب ، قال : ووجدت للمؤرج حروفا في الإنقاع ما عجت بها ولا علمت راويها عنه . يقال : أنقعت الرجل : إذا ضربت أنفه بإصبعك وأنقعت الميت : إذا دفنته وأنقعت البيت : إذا زخرفته ، وأنقعت الجارية : إذا افترعتها ، وأنقعت البيت : إذا جعلت أعلاه أسفله ، قال : وهذه حروف منكرة كلها لا أعرف منها شيئا . والنقوع ، بالفتح : ما ينقع في الماء من الليل لدواء أو نبيذ ويشرب نهارا ، وبالعكس . وفي حديث الكرم : تتخذونه زبيبا تنقعونه أي تخلطونه بالماء ليصير شرابا . وفي التهذيب : النقوع ما أنقعت من شيء . يقال : سقونا نقوعا لدواء أنقع من الليل ، وذلك الإناء منقع ، بالكسر . ونقع الشيء في الماء وغيره ينقعه نقعا فهو نقيع ، وأنقعه : نبذه . وأنقعت الدواء وغيره في الماء فهو منقع . والنقيع والنقوع : شيء ينقع فيه الزبيب وغيره ثم يصفى ماؤه ويشرب والنقاعة : ما أنقعت من ذلك . قال ابن بري : والنقاعة اسم ما أنقع فيه الشيء قال الشاعر :


                                                          به من نضاخ الشول ردع     كأنه نقاعة حناء بماء الصنوبر



                                                          وكل ما ألقي في ماء فقد أنقع . والنقوع والنقيع : شراب يتخذ من زبيب ينقع في الماء من غير طبخ ، وقيل في السكر : إنه نقيع الزبيب . والنقع : الري ، شرب فما نقع ولا بضع . ومثل من الأمثال : حتام تكرع ولا تنقع ؟ ونقع من الماء وبه ينقع نقوعا : روي ؛ قال جرير :


                                                          لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة     تدع الصوادي لا يجدن غليلا



                                                          ويقال : شرب حتى نقع أي شفى غليله وروي . وماء ناقع : هو كالناجع ، وما رأيت شربة أنقع منها . ونقعت بالخبر وبالشراب وإذا اشتفيت منه . وما نقعت بخبره أي لم أشتف به . ويقال : ما نقعت بخبر فلان نقوعا أي ما عجت بكلامه ولم أصدقه . ويقال : نقعت بذلك نفسي أي اطمأنت إليه ورويت به . وأنقعني الماء أي أرواني . وأنقعني الري ونقعت به ونقع الماء العطش ينقعه نقعا ونقوعا : أذهبه وسكنه ، قال حفص الأموي :

                                                          أكرع عند الورود في سدم تنقع من غلتي ، وأجزأها

                                                          وفي المثل : الرشف أنقع أي الشراب الذي يترشف قليلا قليلا أقطع للعطش وأنجع ، وإن كان فيه بطء . ونقع الماء غلته أي أروى عطشه . ومن أمثال العرب : إنه لشراب بأنقع . وورد أيضا في حديث الحجاج : إنكم يا أهل العراق شرابون علي بأنقع ، قال ابن الأثير : يضرب للرجل الذي جرب الأمور ومارسها ، وقيل للذي يعاود الأمور المكروهة ، أراد أنهم يجترئون عليه ويتناكرون . وقال ابن سيده : هو مثل يضرب للإنسان إذا كان معتادا لفعل الخير والشر ، وقيل : معناه أنه قد جرب الأمور ومارسها حتى عرفها وخبرها ، والأصل فيه أن الدليل من العرب إذا عرف المياه في الفلوات ووردها وشرب منها حذق سلوك الطريق التي تؤديه إلى البادية ، وقيل : معناه أنه معاود للأمور يأتيها حتى يبلغ أقصى مراده . وكأن أنقعا جمع نقع ، قال ابن الأثير : أنقع جمع قلة وهو الماء الناقع أو الأرض التي يجتمع فيها الماء ، وأصله أن الطائر الحذر لا يرد المشارع ، ولكنه يأتي المناقع يشرب منها ، كذلك الرجل الحذر لا يتقحم الأمور ، قال ابن بري : حكى أبو عبيد أن هذا المثل لابن جريج قاله في معمر بن راشد ، وكان ابن جريج من أفصح الناس ، يقول ابن جريج : إنه ركب في طلب الحديث كل حزن وكتب من كل وجه ، قال الأزهري : والأنقع جمع النقع وهو كل ماء مستنقع من عد أو غدير يستنقع فيه الماء . ويقال : فلان منقع أي يستشفى برأيه ، وأصله من نقعت بالري . والمنقع والمنقعة : إناء ينقع فيه الشيء . ومنقع البرم : تور صغير أو قديرة صغيرة من حجارة ، وجمعها مناقع ، تكون للصبي يطرحون فيه التمر واللبن يطعمه ويسقاه ، قال طرفة :


                                                          ألقوا إليك بكل أرملة     شعثاء ، تحمل منقع البرم



                                                          البرم هاهنا : جمع برمة ، وقيل : هي المنقعة والمنقع ، وقال أبو عبيد : لا تكون إلا من حجارة . والأنقوعة : وقبة الثريد التي فيها الودك . وكل شيء سال إليه الماء من مثعب ونحوه ، فهو أنقوعة . ونقاعة كل شيء : الماء الذي ينقع فيه . والنقع : دواء ينقع ويشرب . والنقيعة من الإبل : العبيطة توفر أعضاؤها فتنقع في أشياء . ونقع نقيعة : عملها . والنقيعة : ما نحر من النهب قبل أن يقتسم ؛ قال :

                                                          ميل الذرى لحبت عرائكها ، لحب الشفار نقيعة النهب

                                                          وانتقع القوم نقيعة أي ذبحوا من الغنيمة شيئا قبل القسم . ويقال : جاؤوا بناقة من نهب فنحروها . والنقيعة : طعام يصنع للقادم من السفر ، وفي التهذيب : النقيعة ما صنعه الرجل عند قدومه من السفر . يقال : أنقعت إنقاعا ، قال مهلهل :


                                                          إنا لنضرب بالصوارم هامهم     ضرب القدار نقيعة القدام

                                                          ويروى :


                                                          إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم



                                                          القدام : القادمون من سفر ، جمع قادم ، وقيل : القدام الملك . وروي القدام ، بفتح القاف ، وهو الملك . والقدار : الجزار . والنقيعة : طعام الرجل ليلة إملاكه . يقال : دعونا إلى نقيعتهم وقد نقع ينقع نقوعا وأنقع . ويقال : كل جزور جزرتها للضيافة فهي نقيعة . يقال : نقعت النقيعة وأنقعت وانتقعت أي نحرت ؛ وأنشد ابن بري في هذا المكان :


                                                          كل الطعام تشتهي ربيعه :     الخرس والإعذار والنقيعه



                                                          وربما نقعوا عن عدة من الإبل إذا بلغتها جزورا أي نحروه ، فتلك [ ص: 343 ] النقيعة ؛ وأنشد :


                                                          ميمونة الطير لم تنعق أشائمها     دائمة القدر بالأفراع والنقع



                                                          وإذا زوج الرجل فأطعم عيبته قيل : نقع لهم أي نحر . وفي كلام العرب : إذا لقي الرجل منهم قوما يقول : ميلوا ينقع لكم أي يجزر لكم كأنه يدعوهم إلى دعوته . ويقال : الناس نقائع الموت أي يجزرهم كما يجزر الجزار النقيعة . والنقع : الغبار الساطع . وفي التنزيل : فأثرن به نقعا أي غبارا والجمع نقاع . ونقع الموت كثر . والنقيع : الصراخ . والنقع : رفع الصوت . ونقع الصوت واستنقع أي ارتفع ، قال لبيد :


                                                          فمتى ينقع صراخ صادق     يحلبوها ذات جرس وزجل



                                                          متى ينقع صراخ أي متى يرتفع ، وقيل : يدوم ويثبت ، والهاء للحرب وإن لم يذكره لأن في الكلام دليلا عليه ، ويروى يحلبوها متى ما سمعوا صارخا ، أحلبوا الحرب أي جمعوا لها . ونقع الصارخ بصوته ينقع نقوعا وأنقعه ، كلاهما : تابعه وأدامه ، ومنه قول عمر ، رضي الله عنه : إنه قال في نساء اجتمعن يبكين على خالد بن الوليد : وما على نساء بني المغيرة أن يهرقن ، وفي التهذيب : يسفكن ، من دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقع ولا لقلقة ، يعني رفع الصوت ، وقيل : يعني بالنقع أصوات الخدود إذا ضربت ، وقيل : هو وضعهن على رؤوسهن النقع ، وهو الغبار ، قال ابن الأثير : وهذا أولى لأنه قرن به اللقلقة وهي الصوت ، فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد ، وقيل النقع هاهنا شق الجيوب قال ابن الأعرابي : وجدت بيتا للمرار فيه :


                                                          نقعن جيوبهن علي حيا     وأعددن المراثي والعويلا



                                                          والنقاع : المتكثر بما ليس عنده من مدح نفسه بالشجاعة والسخاء وما أشبهه . ونقع له الشر : أدامه . وحكى أبو عبيد : أنقعت له شرا وهو استعارة . ويقال : نقعه بالشتم إذا شتمه شتما قبيحا . والنقائع : خبارى في بلاد تميم والخبارى : جمع خبراء وهي قاع مستدير يجتمع فيه الماء . وانتقع لونه : تغير من هم أو فزع وهو منتقع ، والميم أعرف ، وزعم يعقوب أن ميم امتقع بدل من نونها . وفي حديث المبعث : أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ملكان فأضجعاه وشقا بطنه فرجع وقد انتقع لونه ، قال النضر : يقال ذلك إذا ذهب دمه وتغيرت جلدة وجهه إما من خوف وإما من مرض . والنقوع : ضرب من الطيب . الأصمعي : يقال : صبغ فلان ثوبه بنقوع وهو صبغ يجعل فيه من أفواه الطيب . وفي الحديث : أن عمر حمى غرز النقيع ، قال ابن الأثير : هو موضع حماه لنعم الفيء وخيل المجاهدين ، فلا يرعاه غيرها وهو موضع قريب من المدينة كان يستنقع فيه الماء أي يجتمع ، قال : ومنه الحديث : أول جمعة جمعت في الإسلام بالمدينة في نقيع الخضمات . قال : هو موضع بنواحي المدينة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية