الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نبت

                                                          نبت : النبت : النبات . الليث : كل ما أنبت الله في الأرض ، فهو نبت ، والنبات فعله ، ويجري مجرى اسمه . يقال : أنبت الله النبات إنباتا ، ونحو ذلك قال الفراء : إن النبات اسم يقوم مقام المصدر . قال : وأنبتها نباتا حسنا ، ابن سيده : نبت الشيء ينبت نبتا ونباتا ، وتنبت ، قال :


                                                          من كان أشرك في تفرق فالج ، فلبونه جربت معا ، وأغدت إلا كناشرة الذي ضيعتم ، كالغصن في غلوائه المتنبت

                                                          وقيل : المتنبت هنا المتأصل . وقوله إلا كناشرة : أراد إلا ناشرة ; فزاد الكاف ، كما قال رؤبة :


                                                          لواحق الأقراب فيها كالمقق

                                                          أراد فيها المقق ، وهو مذكور في موضعه . واختار بعضهم : أنبت بمعنى نبت ، وأنكره الأصمعي ، وأجازه أبو عبيدة ، واحتج بقول زهير : حتى إذا أنبت البقل ; أي نبت . وفي التنزيل العزيز : وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن ; قرأ ابن كثير وأبو عمرو الحضرمي تنبت ، بالضم في التاء وكسر الباء ، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر تنبت ، بفتح التاء ، وقال الفراء : هما لغتان ; نبتت الأرض وأنبتت ، قال ابن سيده : أما تنبت فذهب كثير من الناس إلى أن معناه تنبت الدهن أي شجر الدهن أو حب الدهن ، وأن الباء فيه زائدة ، وكذلك قول عنترة :


                                                          شربت بماء الدحرضين ، فأصبحت زوراء     تنفر عن حياض الديلم

                                                          قالوا : أراد شربت ماء الدحرضين . قال : وهذا عند حذاق أصحابنا على غير وجه الزيادة ; وإنما تأويله ، والله أعلم ، تنبت ما تنبته والدهن فيها ، كما تقول : خرج زيد بثيابه أي وثيابه عليه ، وركب الأمير بسيفه أي وسيفه معه ، كما أنشد الأصمعي :


                                                          ومستنة كاستنان الخروف     قد قطع الحبل بالمرود

                                                          أي قطع الحبل ومروده فيه ، ونحو هذا قول أبي ذؤيب يصف الحمير :


                                                          يعثرن في حد الظباة ، كأنما     كسيت برود بني تزيد الأذرع

                                                          أي يعثرن ، وهن مع ذلك قد نشبن في حد الظباة ، وكذلك قوله : شربت بماء الدحرضين ; إنما الباء في معنى في ، كما تقول : شربت بالبصرة وبالكوفة أي في البصرة وفي الكوفة ، أي شربت وهي بماء الدحرضين ، كما تقول : وردنا صدآء ، ووافينا شحاة ، ونزلنا بواقصة . ونبت البقل ، وأنبت ، بمعنى ، وأنشد لزهير بن أبي سلمى :


                                                          إذا السنة الشهباء بالناس ، أجحفت     ونال كرام الناس ، في الجحرة ، الأكل
                                                          رأيت ذوي الحاجات ، حول بيوتهم     قطينا لهم ، حتى إذا أنبت البقل

                                                          أي نبت . يعني بالشهباء : البيضاء ، من الجدب ; لأنها تبيض بالثلج أو عدم النبات . والجحرة : السنة الشديدة التي تحجر الناس في [ ص: 171 ] بيوتهم ، فينحرون كرائم إبلهم ليأكلوها . والقطين : الحشم وسكان الدار . وأجحفت : أضرت بهم وأهلكت أموالهم . قال : ونبت وأنبت مثل قولهم مطرت السماء وأمطرت ، وكلهم يقول : أنبت الله البقل والصبي نباتا . قال الله - عز وجل - : وأنبتها نباتا حسنا ، قال الزجاج : معنى أنبتها نباتا حسنا أي جعل نشوها نشوا حسنا ، وجاء نباتا على لفظ نبت ، على معنى نبتت نباتا حسنا . ابن سيده : وأنبته الله ، وفي التنزيل العزيز : والله أنبتكم من الأرض نباتا ، جاء المصدر فيه على غير وزن الفعل ، وله نظائر . والمنبت : موضع النبات ، وهو أحد ما شذ من هذا الضرب ، وقياسه المنبت . وقد قيل : حكى أبو حنيفة : ما أنبت هذه الأرض ! فتعجب منه ، بطرح الزائد . والمنبت : الأصل . والنبتة : شكل النبات وحالته التي ينبت عليها . والنبتة : الواحدة من النبات ; حكاه أبو حنيفة ، فقال : العقيفاء نبتة ، ورقها مثل ورق السذاب ، وقال في موضع آخر : إنما قدمناها لئلا يحتاج إلى تكرير ذلك عند ذكر كل نبت ; أراد عند كل نوع من النبت . ونبت فلان الحب ، وفي المحكم : نبت الزرع والشجر تنبيتا إذا غرسه وزرعه . ونبت الشجر تنبيتا : غرسته . والنابت من كل شيء : الطري حين ينبت صغيرا ، وما أحسن نابتة بني فلان ! أي ما ينبت عليه أموالهم وأولادهم . ونبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشء صغار . وإن بني فلان لنابتة شر . والنوابت ، من الأحداث : الأغمار . وفي حديث أبي ثعلبة قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : نويبتة ، فقلت : يا رسول الله نويبتة خير ، أو نويبتة شر ؟ النويبتة : تصغير نابتة ، يقال : نبتت لهم نابتة أي نشأ فيهم صغار لحقوا الكبار ، وصاروا زيادة في العدد . وفي حديث الأحنف : أن معاوية قال لمن ببابه : لا تتكلموا بحوائجكم ، فقال : لولا عزمة أمير المؤمنين ، لأخبرته أن دافة دفت ، وأن نابتة لحقت . وأنبت الغلام : راهق ، واستبان شعر عانته ونبت . وفي حديث بني قريظة : فكل من أنبت منهم قتل ; أراد نبات شعر العانة ، فجعله علامة للبلوغ ، وليس ذلك حدا عند أكثر أهل العلم ، إلا في أهل الشرك ؛ لأنه لا يوقف على بلوغهم من جهة السن ، ولا يمكن الرجوع إلى أقوالهم ، للتهمة في دفع القتل ، وأداء الجزية . وقال أحمد : الإنبات حد معتبر تقام به الحدود على من أنبت من المسلمين ، ويحكى مثله عن مالك . ونبت الجارية : غذاها ، وأحسن القيام عليها ، رجاء فضل ربحها . ونبت الصبي تنبيتا : ربيته . يقال : نبت أجلك بين عينيك . والتنبيت : أول خروج النبات . والتنبيت أيضا : ما نبت على الأرض من النبات من دق الشجر وكباره ، قال :


                                                          بيداء لم ينبت بها تنبيت

                                                          والتنبيت : لغة في التبتيت ، وهو قطع السنام . والتنبيت : ما شذب على النخلة من شوكها وسعفها ، للتخفيف عنها ، عزاها أبو حنيفة إلى عيسى بن عمر . والنبائت : أعضاد الفلجان ; واحدتها نبيتة . والينبوت : شجر الخشخاش ، وقيل : هي شجرة شاكة ، لها أغصان وورق ، وثمرتها جرو أي مدورة ، وتدعى : نعمان الغاف ، واحدتها ينبوتة . قال أبو حنيفة : الينبوت ضربان ; أحدهما هذا الشوك القصار الذي يسمى الخروب ، له ثمرة كأنها تفاحة فيها حب أحمر ، وهي عقول للبطن يتداوى بها ، قال : وهي التي ذكرها النابغة ، فقال :


                                                          يمده كل واد مترع لجب     فيه حطام من الينبوت ، والخضد

                                                          والضرب الآخر شجر عظام . قال ابن سيده : أخبرني بعض أعراب ربيعة قال : تكون الينبوتة مثل شجرة التفاح العظيمة ، وورقها أصغر من ورق التفاح ، ولها ثمرة أصغر من الزعرور ، شديدة السواد ، شديدة الحلاوة ، ولها عجم يوضع في الموازين . والنبيت : أبو حي ، وفي الصحاح : حي من اليمن . ونباتة ، ونبت ، ونابت : أسماء . اللحياني : رجل خبيث نبيت إذا كان خسيسا فقيرا ، وكذلك شيء خبيث نبيث . ويقال : إنه لحسن النبتة أي الحالة التي ينبت عليها ، وإنه لفي منبت صدق أي في أصل صدق ، جاء عن العرب بكسر الباء ، والقياس منبت ; لأنه من نبت ينبت ، قال : ومثله أحرف معدودة جاءت بالكسر ، منها : المسجد ، والمطلع ، والمشرق ، والمغرب ، والمسكن ، والمنسك . وفي حديث علي - عليه السلام - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقوم من العرب : أنتم أهل بيت أو نبت ؟ فقالوا : نحن أهل بيت وأهل نبت أي نحن في الشرف نهاية ، وفي النبت نهاية ، أي ينبت المال على أيدينا ; فأسلموا . ونباتى : موضع ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          فالسدر مختلج ، فغودر طافيا     ما بين عين إلى نباتى الأثأب

                                                          ويروى : نباة كحصاة ; عن أبي الحسن الأخفش .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية