الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3688 3- باب في الداذي

                                                              460 \ 3542 - عن مالك بن أبي مريم قال دخل علينا عبد الرحمن بن غنم فتذاكرنا الطلاء فقال حدثني أبو مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها

                                                              وأخرجه ابن ماجه.

                                                              [ ص: 594 ]

                                                              التالي السابق


                                                              [ ص: 594 ] قال ابن القيم رحمه الله: ولفظه " ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رءوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير "

                                                              وفي إسناد حديث أبي داود وابن ماجه: حاتم بن حريث الطائي الحمصي. سئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: شيخ، وقال يحيى بن معين: لا أعرفه

                                                              وقد أخرج ابن ماجه أيضا من حديث ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة يرفعه " لا تذهب الليالي والأيام حتى يشرب طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها "

                                                              وأخرجه أيضا من حديث ابن محيريز عن ثابت بن السمط عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                              [ ص: 595 ] وقال البخاري في صحيحه: باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه وقال هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلاعي قال حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري، والله ما كذبني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم تأتيهم لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ".

                                                              وقد طعن ابن حزم وغيره في هذا الحديث، وقالوا: لا يصح، لأنه منقطع لم يذكر البخاري من حدثه به، وإنما قال " وقال هشام بن عمار " وهذا القدح باطل من وجوه.

                                                              أحدها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار وسمع منه، فإذا روى عنه معنعنا حمل على الاتصال اتفاقا لحصول المعاصرة والسماع، فإذا قال " قال هشام " لم يكن فرق بينه وبين قوله " عن هشام " أصلا.

                                                              الثاني: أن الثقات الأثبات قد رووه عن هشام موصولا، قال الإسماعيلي [ ص: 596 ] في صحيحه: أخبرني الحسن حدثنا هشام بن عمار بإسناده ومتنه، والحسن هو ابن سفيان.

                                                              الثالث: أنه قد صح من غير حديث هشام قال الإسماعيلي في الصحيح: حدثنا الحسن حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا بشر حدثنا ابن جابر عن عطية بن قيس قال: قام ربيعة الجرشي في الناس، فذكر حديثا فيه طول قال: فإذا عبد الرحمن بن غنم، فقال: يمينا حلفت عليها، حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري، والله يمينا أخرى: حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ليكونن في أمتي قوم يستحلون الخمر - في حديث هشام الخمر والحرير - وفي حديث دحيم الخز والحرير والخمر والمعازف - فذكر الحديث "

                                                              ورواه عثمان بن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب قال أخبرني معاوية بن صالح حدثني حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم قال: " تذاكرنا الطلاء فدخل علينا عبد الرحمن بن غنم فقال: حدثني أبو مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث بلفظه ".

                                                              الرابع: أن البخاري لو لم يلق هشاما ولم يسمع منه فإدخاله هذا الحديث في صحيحه وجزمه به يدل على أنه ثابت عنده عن هشام، فلم [ ص: 597 ] يذكر الواسطة بينه وبينه: إما لشهرتهم وإما لكثرتهم فهو معروف مشهور عن هشام، تغني شهرته به عن ذكر الواسطة.

                                                              الخامس: أن البخاري له عادة صحيحة في تعليقه، وهي جزمه بإضافته الحديث إلى من علقه عنه إذا كان صحيحا عنده، فيقول " وقال فلان " و" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإن كان فيه علة قال ويذكر عن فلان، أو ويذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن استقرى كتابه علم ذلك، وهنا قد جزم بإضافة الحديث إلى هشام، فهو صحيح عنده.

                                                              السادس: أنه قد ذكره محتجا به مدخلا له في كتابه الصحيح أصلا لا استشهادا فالحديث صحيح بلا ريب.




                                                              الخدمات العلمية