الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3191 346 \ 3063 -وعن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه

                                                              [ ص: 371 ] قال الخطيب: كذا في الأصل. وأخرجه ابن ماجه ولفظه: "فليس له شيء".

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: هو المحفوظ في كتاب "السنن " لأبي داود. ورواه الإمام أحمد في "المسند" ولفظه: "فلا شيء له "،

                                                              هذا الحديث فيه أربعة ألفاظ

                                                              أحدهما: " فلا شيء " فقط. وهي في بعض نسخ السنن.

                                                              اللفظ الثاني: " فلا شيء عليه " وهي رواية الخطيب.

                                                              اللفظ الثالث: " فلا شيء له " وهي رواية ابن ماجه.

                                                              [ ص: 372 ] اللفظ الرابع: " فليس له أجر " ذكره أبو عمر بن عبد البر في التمهيد.

                                                              وقال: هو خطأ لا إشكال فيه. قال: والصحيح " فلا شيء له ".

                                                              وهذا الذي قاله أبو عمر - في حديث أبي هريرة - هو الصواب؛ لأن فيه: قال صالح " فرأيت الجنازة توضع في المسجد: فرأيت أبا هريرة، إذا لم يجد موضعا إلا في المسجد انصرف، ولم يصل عليها " ذكره البيهقي في حديث صالح.

                                                              وقد ضعف الإمام أحمد هذا الحديث وقال: "هو مما انفرد به صالح مولى التوأمة". وقال مالك: ليس بثقة. وقال غيره: كان صالح ثقة إلا أنه اختلط في آخر عمره فضعف حديثه لأجل الاختلاط.

                                                              وقد قال بعض أهل الحديث: ما رواه ابن أبي ذئب عن صالح: فهو لا بأس به؛ لأنه روى عنه قبل الاختلاط.

                                                              وهذا الحديث من رواية ابن أبي [ ص: 373 ] ذئب عنه.

                                                              وقال ابن عدي: وممن سمع من صالح قديما: ابن أبي ذئب، وابن جريج، وزياد بن سعد وغيرهم، ولحقه مالك والثوري وغيرهم بعد الاختلاط.

                                                              وقد ذهب الطحاوي إلى أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء في المسجد منسوخة، وأن ترك ذلك آخر الفعلين منه، بدليل إنكار عامة الصحابة ذلك على عائشة، وما كانوا ليفعلوه إلا لما علموا خلاف ما فعلت.

                                                              وقال البيهقي: لو كان عند أبي هريرة نسخ ما روته عائشة لذكره يوم صلي على أبي بكر في المسجد، ويوم صلي على عمر في المسجد، ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله المسجد، ولذكره أبو هريرة يوم روت فيه الخبر المنسوخ، وإنما أنكره من لم يكن عنده علم بجوازه، فلما روت لهم عائشة الحديث سكتوا وصدروا عنه، ولم ينكروه ولا عارضوه.

                                                              قال الخطابي: وقد ثبت أن أبا بكر وعمر صلي عليهما في المسجد، [ ص: 374 ] ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار شهدوا الصلاة عليهما، وفي تركهم إنكاره الدليل على جوازه. وقد يحتمل أن يكون معنى حديث أبي هريرة - إن ثبت- نقصان الأجر؛ لأن من صلى عليها في المسجد الغالب أنه ينصرف إلى أهله ولا يشهد دفنه، ومن سعى إلى الجنازة فصلى عليها بحضرة المقابر شهد دفنها، وأحرز أجر القيراطين، وقد يؤجر أيضا على كثرة خطاه، فصار الذي يصلي عليها في المسجد منقوص الأجر بالإضافة إلى هذا،

                                                              وقال بعضهم: "لا شيء له " أي: لا شيء عليه، كقوله تعالى: وإن أسأتم فلها وهذا والذي قبله ضعيفان.




                                                              الخدمات العلمية