الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين

                                                                                                                                                                                                                                        (11) يقول تعالى - محذرا لهؤلاء الظالمين، المكذبين للرسول بما فعل بالأمم المكذبة لغيره من الرسل-: وكم قصمنا ؛ أي: أهلكنا بعذاب مستأصل من قرية تلفت عن آخرها وأنشأنا بعدها قوما آخرين . (12 -13) وأن هؤلاء المهلكين لما أحسوا بعذاب الله وعقابه، وباشرهم نزوله، لم يمكن لهم الرجوع، ولا طريق لهم إلى النزوع، وإنما ضربوا الأرض بأرجلهم؛ ندما وقلقا وتحسرا على ما فعلوا، فقيل لهم على وجه التهكم بهم: لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون ؛ أي: لا يفيدكم الركض والندم، ولكن إن كان لكم اقتدار فارجعوا إلى ما أترفتم فيه من اللذات والمشتهيات، ومساكنكم المزخرفات، ودنياكم التي غرتكم وألهتكم، حتى جاءكم أمر الله، فكونوا فيها متمكنين، وللذاتها جانين، وفي منازلكم مطمئنين معظمين، لعلكم أن تكونوا مقصودين في أموركم، كما كنتم سابقا، مسؤولين من مطالب الدنيا، كحالتكم الأولى، وهيهات! (14) أين الوصول إلى هذا؟ وقد فات الوقت، وحل بهم العقاب والمقت، وذهب عنهم عزهم وشرفهم ودنياهم، وحضرهم ندمهم وتحسرهم؟! ولهذا قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين . (15) فما زالت تلك دعواهم ؛ أي: الدعاء بالويل والثبور والندم، والإقرار على أنفسهم بالظلم، وأن الله عادل فيما أحل بهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ؛ أي: بمنزلة النبات الذي قد حصد وأنيم، قد خمدت منهم الحركات، وسكنت منهم الأصوات فاحذروا - أيها المخاطبون - أن تستمروا على تكذيب أشرف الرسل فيحل بكم كما حل بأولئك

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية