الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1278 - وحدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، [ ص: 1817 ] حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، قال : قالت عائشة : فبينا نحن جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها . قال أبو بكر رضي الله عنه : فداء له أبي وأمي إن جاء به في هذه الساعة لأمر .

قالت عائشة : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن ، فأذن له ، فدخل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل لأبي بكر : "أخرج من عندك" فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنه قد أذن لي في الخروج" فقال أبو بكر رضي الله عنه : الصحبة بأبي أنت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نعم" . فقال أبو بكر : فخذ بأبي أنت يا رسول الله ، إحدى راحلتي هاتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بالثمن" .

قالت : فجهزناهما أحث الجهاز ، وصنعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ، فأوكت به الجراب ، فلذلك كانت تسمى ذات النطاقين .

ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار يقال له : ثور ، فمكثا فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب ، لقن ، ثقف ، فيدخل [ ص: 1818 ] من عندهم السحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منيحة من غنم ، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء ، فيبيتان في رسلهما ، حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي .

واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه رجلا من بني الديل ، ثم من بني عبد بن عدي هاديا خريتا - والخريت : الماهر في الهداية - قد غمس يده في حلف العاص بن وائل وهو على دين كفار قريش ، فأمناه ودفعا إليه راحلتيهما ، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال ، فأتاهما براحلتيهما صبيحة الليالي الثلاث ، فارتحل ، فانطلق معهم عامر بن فهيرة مع أبي بكر والدليل ، وأخذ بهم طريق أذاخر وهي طريق الساحل .


قال محمد بن الحسين :

وقد حدثنا بهذا الحديث الفريابي ، من غير طريق في حديث الزهري رحمه الله عن عروة رضي الله عنه . [ ص: 1819 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية