الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1488 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي ، قال : حدثنا يحيى بن حماد ، قال : أخبرنا أبو عوانة ، قال : حدثنا أبو بلج ، قال : حدثنا عمرو بن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس رحمه الله ; إذ أتاه تسعة رهط ، فقالوا : يا أبا عباس ، إما أن تقوم معنا ، وإما أن تخلينا هؤلاء ، فقال ابن عباس : بل أقوم معكم - وهو يومئذ صحيح البصر [ ص: 2022 ] قال : فانتبذوا فتحدثوا ، فلا أدري ما قالوا ، قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف ، وقعوا في رجل له عشر ، وقعوا في رجل قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا ، يحب الله ورسوله" ، فاستشرف لها من استشرف ، فقال : "أين علي ؟" فقالوا : هو في الرحل يطحن ، قال : "وما كان أحدكم ليطحن" ، قال : فجاء وهو أرمد ، لا يكاد يبصر ، قال : فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فأعطاها إياه ، فجاء بصفية بنت حيي ، قال : ثم بعث أبا بكر رضي الله عنه بسورة التوبة ، ثم بعث عليا رضي الله عنه خلفه فأخذها منه ، فقال أبو بكر : لعل الله ورسوله . . ؟ قال : لا ، ولكن لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه ، قال : وقال لبني عمه : "أيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا" . فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة ، فقال له : "أنت وليي في الدنيا والآخرة" .

قال : وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم فقال : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )

قال : وشرى علي بنفسه ، لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام في مكانه قال : وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء أبو بكر رضي الله عنه ، وعلي رضي الله عنه نائم ، وأبو بكر يحسب أنه نبي الله ، فقال : يا نبي الله ، فقال له علي رضي الله عنه : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه ، قال : فانطلق أبو بكر رضي الله عنه فدخل معه الغار ، وجعل علي رضي الله عنه يرمي بالحجارة كما [ ص: 2023 ] كان يرمي نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يتضور قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، ثم كشف عن رأسه ، فقالوا : كان صاحبك نرميه فلا يتضور ، وأنت تتضور قد استنكرنا ذلك .

قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس في غزوة تبوك ، فقال له علي رضي الله عنه : أخرج معك ، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست نبيا ، إنه لا ينبغي لي أن أذهب إلا وأنت خليفتي" .

قال : وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنت ولي كل مؤمن بعدي" .

قال : وسد الأبواب من المسجد غير باب علي ، ويدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره .

قال : وقال : "من كنت مولاه فإن عليا مولاه" .

قال : وأخبرنا الله عز وجل في القرآن أنه قد رضي عنهم - يعني أصحاب الشجرة - فعلم ما في قلوبهم ، فهل حدثنا أنه سخط عليهم ؟ !

وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه حين قال له في حاطب بن أبي بلتعة : ائذن لي فأضرب عنقه ، قال : وكنت فاعلا ؟ ! وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" .


التالي السابق


الخدمات العلمية