الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              قضية التخلف العلمي والتقني في العالم الإسلامي المعاصر

              الدكتور / زغلول راغب النجار

              الفصل الخامس

              بعض المفاسد الناجمة عن سوء استخدام التقدم العلمي والتقني المعاصر وأخطار ذلك

              من الأخطار الناجمة عن الإغراق في التطور التقني المعاصر بغير معايير إنسانية منضبطة يمكن أن نذكر - على سبيل المثال لا الحصر – التلوث الكيميائي والحراري والإشعاعي لمختلف بيئات الأرض، والإخلال باتزانها الدقيق، والعديد من صور التلوث الكيميائي والإشعاعي لأجساد الإنسان وغيره من مختلف صور الكائنات الحية، وذلك بتزايد التفجيرات النووية وتسرب الأشعة من أجهزتها المختلفة، وتزايد معدلات تراكم الكيميائيات الخطرة في المواد الغذائية المستمدة من مصادر حيوانية ونباتية نتيجة للإفراط في استخدام المبيدات الحشرية ومواد المعالجة الأخرى، أو نتيجة لقذف نفايات المصانع إلى مختلف الأجسام المائية وانتقالها إلى الكائنات الحية بطرق مباشرة أو غير مباشرة.

              كذلك نذكر أخطار اختلال الاتزان المناخي الدقيق للأرض وما يمكن أن يصاحبه من كوارث نتيجة موجات الحرارة والجفاف والتصحر وانهيار الجليد المتجمع في المناطق القطبية من الأرض وفوق قمم الجبال العالية، وما يمكن أن يؤدي إليه من ارتفاع لمنسوب المياه في البحار والمحيطات وإغراق لكل المناطق الساحلية والقريبة من السواحل والتي تضم الغالبية الساحقة من سكان الأرض، ومن مراكز الحضارة المعاصرة، أو نتيجة تعرض الأرض لدورة جليدية جديدة [ ص: 91 ] تهلك الأخضر واليابس وتؤدي إلى هـجرة الإنسان والحيوان والنبات إلى مناطق الأرض الأكثر دفئا عند خطوط العرض المنخفضة، أو في التكدس السكاني فوق حدود الاحتمال والإسراف المخل في الإنتاج للعديد من السلع، وفي التزايد المطرد لاستنزاف العديد من الثروات الطبيعية غير القابلة للتجدد مثل الفحم الحجري والنفط والغاز الطبيعي والغالبية العظمى للثروات المعدنية والأرضية الأخرى، ولمياه الشرب والتربة الصالحة للزراعة، فلم يكد الإنسان أن يخرج من البؤس الذي خلفته الثورة الصناعية الأولى حتى دخل في الحرب العالمية الثانية التي كان ضحاياها أكثر من 55 مليون قتيل غير الجرحى والمشردين من الأيتام والأرامل، وانتهت الحرب بكارثتي هـيروشيما ونجازاكي ، اللتين لا يزال كابوسهما يخيم على قلوب وعقول الملايين من بني البشر، ولا تزال آثارهما تتراءى إلى اليوم أمام أنظار الكثرين، ولا يزال العالم منذ ذلك التاريخ تتجاذبه صور من الحروب الباردة والساخنة، وتتكدس لدى القوى المتصارعة أحدث ما تفتقت عنه العبقرية التقنية الحديثة من آلات الحرب والدمار، ومنها القنابل الهيدروجينية والانشطارية والعنقودية، والصواريخ مختلفة المدى، وغازات الأعصاب، الغازات السامة.

              التالي السابق


              الخدمات العلمية