الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              - المطلب الثالث: حفظ العقل:

              العقل نعمة من نعم الله الجليلة، فهو الذي يميز به الإنسان الهدى من الضلالة، والخير والشر، والطيب والخبيث، وبه فضل الله الإنسان على بقية المخلوقات؛ وذكره الله تعالى في القرآن الكريم في مواضع كثيرة.

              وجعل الله العقل مناط التكليف، فغير العاقل ليس بمكلف، قال رسول الله (: «رفع القلم عن ثلاثة: الصبي حتى يحتلم، وعن المعتوه حتى [ ص: 112 ] يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ» [1] وشرع لحفظ العقل – هبة الله للجميع – تحريم ما يفسده من كل مسكر ومخدر ومعاقبة من يتعاطها.

              فالشـريعة الإسـلامية حرصـت على حـفظ العقـل، فحرمت كل ما من شأنه إفساده، وإدخـال الخلل عليه، سـواء كانت هذه المفسدات حسية أو معنوية.

              فالمفسدات الحسية: مثل: الخمور، والمخدرات [2] ،

              قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) (المائـدة:90) ،

              وقـوله صلى الله عليه وسلم : ( كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ) [3] .

              وأما المفسدات المعنوية: فهي ما يطرأ على العقول من تصورات فاسدة في العقيدة، أو الأمور الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية وغيرها من أنشطة الحياة، فهذه مفسدة للعقول من حيث كون الإنسان قد عطل عقله عن التفكير السليم الذي يوافق الشرع، ولذلك ذم الله الكفار حين عطلوا عقولهم عن التفكير في آيات الله تعالى، فلم يعتبروا بها في الوصول إلى الحق، [ ص: 113 ] قال تعالى: ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) (الفرقان:44) .

              والعقل إذا لم يكن مطية إلى الوصول إلى فهم كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، والتدبر في خلق الله وبديع صنعه فإن وجوده كعدمه [4] .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية