الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 571 ] فصل :

        ويستحب له إذا أراد حضور مجلس التحديث أن يتطهر ويتطيب ويسرح لحيته ويجلس متمكنا بوقار ، فإن رفع أحد صوته زبره ، ويقبل على الحاضرين كلهم ، ويفتتح مجلسه ويختتمه بتحميد الله تعالى ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاء يليق بالحال ، بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن العظيم ، ولا يسرد الحديث سردا يمنع فهم بعضه .

        التالي السابق


        ( فصل :

        ويستحب له إذا أراد حضور مجلس التحديث أن يتطهر ) بغسل ووضوء ، ( ويتطيب ) ويتبخر ، ويستاك ، كما ذكره ابن السمعاني ، ( ويسرح لحيته ، ويجلس ) في صدر مجلسه ( متمكنا ) في جلوسه ( بوقار ) وهيبة .

        [ ص: 572 ] وقد كان مالك يفعل ذلك ، فقيل له فقال : أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحدث إلا على طهارة متمكنا . وكان يكره أن يحدث في الطريق أو وهو قائم ، أسنده البيهقي .

        وأسند عن قتادة قال : لقد كان يستحب أن لا يقرأ الأحاديث إلا على طهارة .

        وعن ضرار بن مرة قال : كانوا يكرهون أن يحدثوا على غير طهر .

        وعن ابن المسيب أنه سئل عن حديث ، وهو مضطجع في مرضه فجلس وحدث به ; فقيل له : وددت أنك لم تتعن ؛ فقال : كرهت أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع .

        وعن بشر بن الحارث أن ابن المبارك سئل عن حديث وهو يمشي ، فقال : ليس هذا من توقير العلم .

        وعن مالك قال : مجالس العلم يحتضر بالخشوع والسكينة والوقار .

        ويكره أن يقوم لأحد ، فقد قيل : إذا قام القارئ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد [ ص: 573 ] فإنه يكتب عليه بخطيئة .

        ( فإن رفع أحد صوته ) في المجلس ( زبره ) أي انتهره وزجره ؛ فقد كان مالك يفعل ذلك أيضا ، ويقول : قال الله تعالى ياأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي فمن رفع صوته عند حديثه ؛ فكأنما رفع صوته فوق صوته .

        ( ويقبل على الحاضرين كلهم ) ، فقد قال حبيب بن أبي ثابت : إن من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعا .

        ( ويفتتح مجلسه ويختتمه بتحميد الله تعالى ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاء يليق بالحال ، بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن العظيم ) .

        فقد روى الحاكم في " المستدرك " عن أبي سعيد قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرءوا سورة .

        ( ولا يسرد الحديث سردا ) عجلا ( يمنع فهم بعضه ) ، كما روي عن مالك أنه كان لا يستعجل ، ويقول : أحب أن أفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

        [ ص: 574 ] وأورد البيهقي في ذلك حديث البخاري عن عروة قال : جلس أبو هريرة إلى جنب حجرة عائشة وهي تصلي فجعل يحدث ، فلما قضت صلاتها قالت : ألا تعجب إلى هذا ؟ وحديثه : إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يحدث حديثا لو عده العاد أحصاه .

        وفي لفظ عند مسلم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم .

        وفي لفظ عند البيهقي عقيبه : إنما كان حديثه فصلا تفهمه القلوب .




        الخدمات العلمية