الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6964 - حدثنا محمد بن معمر ، نا روح بن أسلم - مات قريبا سنة مائتين وهو ثقة ، نا حماد ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت بالبراق ، وهو دابة أبيض ، فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، قال : فركبته فسار بي حتى أتيت باب المقدس ، فربطت الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ، قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت ، فجاءني جبريل صلى الله عليه وسلم بإناء من خمر ، وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل : أصبت الفطرة .

ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا ، [ ص: 341 ] فاستفتح جبريل صلى الله عليه وسلم ، فقيل : ومن أنت ؟ قال : أنا جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قال : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بآدم ، فرحب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبريل ، قيل : من أنت ؟ قال : أنا جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قال : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بابني الخالة عيسى ويحيى ، فرحبا ودعوا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ، قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بيوسف ، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن ، فرحب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا الرابعة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه . قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بإدريس ، فرحب ودعا لي بخير ، ثم قال : يقول الله تبارك وتعالى : ورفعناه مكانا عليا ، قال : ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، قال : ففتح لنا ، فإذا أنا بهارون ، فرحب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من أنت ؟ قال : جبريل قيل : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه .

ففتح لنا ، فإذا أنا بموسى صلى الله عليه وسلم ، فرحب ودعا بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم ، وإذا هو مسند إلى البيت المعمور ، فرحب ودعا لي بخير ، وإذا هو يدخله - يعني البيت المعمور - سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون إليه .

ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى ، فإذا ورقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال ، [ ص: 342 ] فلما غشيها من أمر الله ما غشي ، تغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها ، فأوحى إلي ما أوحى ، وفرض علي في كل يوم وليلة خمسين صلاة .

فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ، فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ، وقد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم ، قال : فرجعت إلى ربي تبارك وتعالى ، فقلت : أي رب ، خفف عن أمتي ، فحط عني خمسا ، قال : ثم رجعت إلى موسى ، فقال : ما فعلت ؟ قلت : حط عني خمسا ، فقال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فلم أزل أرجع بين ربي وموسى ، يحط خمسا ، حتى قال : يا محمد ، هي خمس صلوات في كل يوم وليلة ، بكل صلاة عشرا ، فتلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها ، كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا ، ومن هم بسيئة فلم يعملها ، لم تكتب شيئا ، فإن عملها كتبت سيئة واحدة ، قال : فنزلت حتى انتهيت إلى موسى صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت
.

التالي السابق


الخدمات العلمية