الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم التفت إلى خطابهم، استعطافا بعتابهم، لأنه عند التذكير بعذابهم أقرب إلى إيابهم، فقال: وهو أي ما استكانوا لربهم والحال أنه هو لا غيره الذي أنشأ لكم يا من يكذب بالآخرة، على غير مثال سبق السمع والأبصار ولعله جمعها لأن التفاوت فيها [ ص: 173 ] أكثر من التفاوت في السمع والأفئدة التي هي مراكز العقول، فكنتم بها أعلى من بقية الحيوانات، جمع فؤاد، وهو القلب لتوقده وتحرقه، من التفؤد وهو التحرق، وعبر به هنا لأن السياق للاتعاظ والاعتبار، وجمعه جمع القلة إشارة إلى عزة من هو بهذه الصفة، ولعله جمع الأبصار كذلك لاحتمالها للبصيرة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما صور لهم هذه النعم، وهي بحيث لا يشك غافل في أنه لا مثل لها، وأنه لو تصور أن يعطى شيئا منها آدمي لم يقدر على مكافأته، حسن تبكيتهم في كفر المنعم بها فقال: قليلا ما تشكرون لمن أولاكم هذه النعم التي لا مثل لها، ولا يقدر غيره على شيء منها، مع ادعائكم أنكم أشكر الناس لمن أسدى إليكم أقل ما يكون من النعم التي يقدر على مثلها كل أحد، فكنتم بذلك أنزل من الحيوانات العجم صما بكما عميا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية