الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 453 ) حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين قال : كانت بنو عامر أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا من ثقيف ، وأخذوا ناقته ، كان يسبق عليها الحاج ، فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو موثق ، فقال : يا محمد ، يا محمد ، فعطف عليه ، فقال : على ما أحبس وتؤخذ سابقة الحاج ؟ قال : " بجريرة حلفائك " ، وكانت بنو عامر حلفاء لثقيف ، ثم أجاز النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعاه أيضا : يا محمد ، فأجابه : إني مسلم ، قال : " لو قلت ذلك وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ، ثم أجاز النبي صلى الله عليه وسلم ، فناداه أيضا ، فرجع إليه ، فقال : أطعمني فإني جائع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هذه حاجتك " ، فأمر له بطعام ، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - فادى الرجل بالرجلين اللذين أسرا من أصحابه ، وأغار ناس من المشركين على ناحية المدينة ، فأصابوا تلك الناقة ، وأصابوا فيما أصابوا امرأة أيضا ، فذهبوا بها إلى رحالهم ، فقامت المرأة من بعض الليل في إبلهم ، وكانوا يرتحلونها عند أفنيتهم ، فكلما دنت من [ ص: 191 ] بعير لتركبه رغا فتركته ، حتى جاءت إلى ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي ناقة ذلول ، فلم ترغ حتى قعدت في عجزها ، ثم صاحت بها ، وندر بها القوم ، فركبوا في طلبها ، فنذرت - وهي منطلقة وهي في إثرها - إن الله أنجاها عليها أن تنحرها ، فنجت ، فلما قدمت المدينة أتي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل : هذه ناقتك جاءت بها فلانة نجاها الله عليها من المشركين ، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمرأة والناقة ، فسألها : " كيف صنعت " ؟ فأخبرته قالت : ونذرت وهم في طلبي عليها أن أنحرها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بئس ما جازيتها إذا ، لا وفاء لنذر في معصية ، ولا فيما لا يملك ابن آدم " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية