الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          منها : أن يقصد الله تبارك وتعالى بدعائه غير رياء ، ولا سمعة قال تعالى فادعوه مخلصين له الدين وقال تعالى فادعوا الله مخلصين له الدين ، ومنها : تقديم عمل صالح من صدقة ، أو غيرها للحديث المجمع على صحته حديث الثلاثة الذين أووا إلى الغار فانطبقت عليهم الصخرة ، ومنها : تجنب الحرام أكلا وشربا ولبسا وكسبا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر [ ص: 458 ] يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟ رواه مسلم . ومنها : الوضوء لحديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا ضرير البصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ادع الله أن يعافيني قال : إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك قال : فادعه فأمره أن يتوضأ ويحسن وضوءه ويدعو . الحديث رواه الترمذي ، وقال : حسن صحيح غريب . ومنها : استقبال القبلة لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : استقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة فدعا على نفر من قريش شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة - الحديث متفق عليه ، والأحاديث في ذلك كثيرة . ومنها : رفع اليدين لحديث سليمان يرفعه ( إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفرا ) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم في صحيحيهما ، وحديث ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك ، أو نحوهما ) الحديث رواه أبو داود والحاكم في صحيحه ، ولحديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( رفع اليدين من الاستكانة التي قال الله : فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) رواه الحاكم ، ولحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جمع أهل بيته ألقى عليهم كساءه ، ثم رفع يديه ، ثم قال : ( اللهم هؤلاء أهلي ) الحديث . رواه الحاكم ، والأحاديث في رفع النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يديه في الدعاء كثيرة لا تكاد تحصى ، قال الخطابي إن من الأدب أن تكون اليدان في حالة رفعهما مكشوفين غير مغطاتين .

                                                          ( قلت ) : روينا عن أبي سليمان الداراني رحمة الله عليه قال : كنت ليلة باردة في المحراب فأقلقني البرد فخبأت إحدى يدي من البرد يعني في الدعاء قال : وبقيت الأخرى ممدودة فغلبتني عيناي فإذا تلك اليد المكشوفة قد سورت [ ص: 459 ] من الجنة فهتف بي هاتف يا أبا سليمان قد وضعنا في هذه ما أصابها ، ولو كانت الأخرى مكشوفة لوضعنا فيها; قال : فآليت على نفسي أن لا أدعو إلا ويداي خارجتان حرا كان ، أو بردا . ( ومنها ) : الجثو على الركب والمبالغة في الخضوع لله عز وجل والخشوع بين يديه ويحسن التأدب مع الله تعالى لحديث عامر بن خارجة بن سعد عن جده سعد رضي الله عنه أن قوما شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر قال : فقال : اجثوا على الركب ، ثم قولوا يا رب يا رب قال : ففعلوا فسقوا حتى أحبوا أن يكشف عنهم . رواه أبو عوانة في صحيحه ، وأما ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا ختم القرآن دعا قائما كما أورده ابن الجوزي في كتابه الوفا ، وغيره فلا يصح وسيأتي إسناده والكلام عليه آخرا - والله أعلم - .

                                                          وإذا نظر العاقل إلى دعاء الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وكيف خضوعهم وخشوعهم وتأدبهم عرف كيف يسأل ربه عز وجل; فمن دعاء آدم وحواء عليهما السلام : ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ونوح عليه السلام رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ، أني مغلوب فانتصر ، وموسى عليه السلام تبت إليك وأنا أول المؤمنين ، رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير وزكريا عليه السلام رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وأيوب عليه السلام مسني الضر وأنت أرحم الراحمين وإبراهيم عليه السلام لما قصد الدعاء وإذا مرضت فهو يشفين فأضاف الشفاء إلى الله تعالى دون المرض تأدبا . وفي صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة " اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت . أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت . واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها [ ص: 460 ] إلا أنت ، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك ، أنا بك وإليك تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك قال الخطابي رحمه الله : معنى والشر ليس إليك : الإرشاد إلى استعمال الأدب في الثناء على الله جل ذكره والمدح له بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها ، ولم يقع القصد به إلى إثبات شيء وإدخاله تحت قدرته ونفي ضده عنها فإن الخير والشر صادران عن خلقه ، وقدرته لا موجد لشيء من الخلق غيره ، وقد يضاف معاظم الخليقة إليه عند الدعاء والثناء فيقال : يا رب السماوات والأرضين كما يقال : يا رب الأنبياء والمرسلين ، ولا يحسن أن يقال : يا رب القردة والخنازير ونحوها من سفل الحيوانات وحشرات الأرض وإن كانت إضافة جميع الحيوانات إليه من جهة الخلقة لها والقدرة شاملة لجميع أصنافها . وقال مسلم بن يسار : لو كنت بين يدي ملك تطلب حاجة لسرك أن تخشع له . رواه ابن أبي شيبة . ( ومنها ) : أن لا يتكلف السجع في الدعاء لما في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : " وانظر إلى السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك أي لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب ; قال الغزالي رحمه الله : المراد بالسجع هو المتكلف من الكلام لأن ذلك لا يلائم الضراعة والذلة وإلا ففي الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه سلم كلمات متوازنة غير متكلفة . ( ومنها ) : الثناء على الله تعالى أولا وآخرا أي قبل الدعاء ، وبعده كذلك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخبر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي الآيات . فقدم الثناء على الله ، ثم دعا ، وعن يوسف عليه السلام [ ص: 461 ] رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة فأثنى ، ثم دعا توفني مسلما وألحقني بالصالحين ، ولما أرشدنا الله تعالى في الفاتحة وثبت في الحديث القدسي " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ، ونصفها لعبدي . ولعبدي ما سأل; إذا قال عبدي : الحمد لله رب العالمين ، قال الله : حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال الله : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال الله : مجدني عبدي - الحديث متفق عليه " ، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول " اللهم لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد " الحديث . وفيه أيضا من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - في حديثه الطويل في صفة حجه - صلى الله عليه وسلم - أنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ، وقال : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ) ، ثم دعا بين ذلك ، ثم أتى المروة ففعل مثل ذلك . ( وأخبرتنا ) أم محمد بنت محمد بن علي البخاري إذنا ، أنا جدي علي بن أحمد قراءة عليه وأنا حاضرة . أنا أبو سعيد بن الصفار أنا أبو القاسم بن طاهر أنا أحمد بن الحسين الحافظ . أنا علي بن أحمد بن عبدان . أنا أحمد بن عبيد الصفار . ثنا محمد بن الفضل بن جابر . ثنا بشر بن معاذ . ثنا محمد بن دينار . ثنا أبان عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي واستغفر ربه ، فقد طلب الخير من مكانه . رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب شعب الإيمان ، وقال : أبان هذا هو ابن أبي عياش ، وهو ضعيف .

                                                          ( قلت ) : روى له أبو داود حديثا واحدا . وقال : مالك بن دينار هو طاوس القراء ، والحديث له شواهد وسيأتي آخر الفصل في حديث علي بن الحسين - رضي الله عنهما - ما يشهد له . وقد [ ص: 462 ] روينا عن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - قال : سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يدعو في صلاته لم يمجد ، ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عجل هذا ، ثم دعاه فقال له ، أو لغيره : " إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يدعو بما شاء " رواه أبو داود والترمذي ، وقال : صحيح ، ورواه النسائي ، وزاد فيه وسمع رجلا يصلي فمجد الله وحمده وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ادع تجب وسل تعط " وأخرج هذه الزيادة ابن حبان في صحيحه والحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين وحسنهما الترمذي . ورأينا بعض الشيوخ يبتدئون الدعاء عقيب الختم بقولهم : صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم ، وهذا تنزيل من رب العالمين ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين . وبعضهم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له - إلى آخره - ، أو بما في نحو ذلك من التنزيه وبعضهم ( بـ " الحمد لله رب العالمين ) " لقوله - صلى الله عليه وسلم - " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ ( الحمد لله ) فهو أجزم " ، ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه ولا حرج في ذلك فكل ما كان في معنى التنزيه فهو ثناء . وفي الطبراني الأوسط عن علي رضي الله عنه : كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد ، وعلى آل محمد ، وإسناده جيد . وفي الترمذي عن عمر رضي الله عنه : الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال تعالى دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين فلذلك استحب أن يختم الدعاء بقوله تعالى : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، ومنها : تأمين الداعي والمستمع لحديث " فإذا أمن الإمام فأمنوا " متفق عليه ، ولحديث " أوجب إن ختم " فقال رجل : بأي شيء يختم ؟ فقال : " بآمين " رواه أبو داود . ومنها : أن يسأل الله حاجاته كلها لحديث يرفعه " ليسأل أحدكم ربه [ ص: 463 ] حاجاته كلها حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع " رواه ابن حبان في صحيحه والترمذي ، وقال غريب . ومنها : أن يدعو وهو متيقن الإجابة يحضر قلبه ويعظم رغبته لحديث أبي هريرة يرفعه " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة . واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه " رواه الترمذي والحاكم ، وقال : مستقيم الإسناد . وعنه يرفعه أيضا " إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإنه لا يتعاظم على الله شيء " رواه مسلم وابن حبان في صحيحه ، وأبو عوانة ، ومنها : مسح وجهه بيديه بعد فراغه من الدعاء لحديث ابن عباس يرفعه " إذا سألتم الله فسلوه ببطون أكفكم ، ولا تسلوه بظهورها وامسحوا بها وجوهكم " رواه أبو داود والحاكم في صحيحه ، وعن السائب بن يزيد عن أبيه - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دعا يرفع يديه يمسح وجهه بيديه . رواه أبو داود . وعن عمر رضي الله عنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه . رواه الحاكم في صحيحه والترمذي ، وقال في بعض الأصول : صحيح . ورأيت بعض علمائنا ، وهو ابن عبد السلام في فتاواه أنكر مسح الوجه باليدين عقيب الدعاء; ولا شك عندي أنه لم يقف على شيء من هذه الأحاديث - والله أعلم - .

                                                          ( ورأيت ) أنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في شدة نزلت بي وبالمسلمين في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ، فقلت : يا رسول الله ادع الله لي وللمسلمين ، فرفع يديه ودعا ، ثم مسح بهما وجهه - صلى الله عليه وسلم - . ومنها : اختيار الأدعية المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد كان بعض أئمة القراءة يختارون أدعية يدعون بها عند الختم لا يجاوزونها ، واختيارنا أن لا يجاوز ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أوتي جوامع الكلم ، ولم يدع حاجة إلى غيره ، ولنا فيه - صلى الله عليه وسلم - أسوة; ، فقد روى أبو منصور المظفر [ ص: 464 ] بن الحسين الأرجاني في كتابه فضائل القرآن ، وأبو بكر بن الضحاك في الشمائل كلاهما من طريق أبي ذر الهروي من رواية أبي سليمان داود بن قيس قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقول عند ختم القرآن " اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة ، اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله لي حجة يا رب العالمين " حديث معضل لأن داود بن قيس هذا هو الفراء الدباغ المدني من تابعي التابعين يروي عن نافع بن جبير بن مطعم وإبراهيم بن عبد الله بن حنين . روى عنه يحيى بن سعيد القطان وعبد الله بن مسلمة القعنبي وكان ثقة صالحا عابدا من أقران مالك بن أنس خرج له مسلم في صحيحه ، وهذا الحديث لا أعلم ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ختم القرآن حديث غيره . ( نعم ) أخبرني الثقات من شيوخنا مشافهة عن الشيخ أبي الحسن علي بن أحمد المقدسي قال : أنا عبد الرحمن بن علي الحافظ في كتابه . أنا ابن ناصر . أنا عبد القادر بن يوسف . أنا محمد الجوهري أنا عمر بن إبراهيم الكتاني . أنا محمد بن جعفر غندر . ثنا إبراهيم بن عبد الله بن أيوب . ثنا الحارث بن شريح ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ختم القرآن دعا قائما كذا رواه أبو الفرج بن الجوزي في كتابه الوفا ، وهو حديث ضعيف ، إذ في سنده الحارث بن شريح أبو عمر النقال ، بالنون . قال يحيى بن معين : ليس بشيء وتكلم فيه النسائي ، وغيره . وقال أبو الفتح الأزدي : إنما تكلموا فيه حسدا والحارث معدود من كبار أصحاب إمامنا الشافعي الفقهاء ويشهد لهذا الحديث ما أخبرتني به الشيخة الصالحة ست العرب ابنة محمد بن علي بن أحمد المقدسية مشافهة بمنزلها بسفح قاسيون . قالت : أخبرنا جدي المذكور قراءة عليه ، وأنا حاضرة عن أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار . أنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ . أنا أبو نصر بن قتادة . أنا [ ص: 465 ] أبو الفضل بن خميرويه الكرابيسي الدؤلي بها . ثنا أحمد بن نجدة القرشي ثنا أحمد بن يونس . ثنا عمر وابن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر قال : كان علي بن الحسين - رضي الله عنهما - يذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا ختم القرآن حمد الله بمحامد ، وهو قائم ، ثم يقول : الحمد لله رب العالمين و الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون لا إله إلا الله ، وكذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، لا إله إلا الله وكذب المشركون بالله من العرب والمجوس واليهود والنصارى والصابئين ، ومن دعا لله ولدا ، أو صاحبة ، أو ندا ، أو شبيها ، أو مثلا ، أو مماثلا ، أو سميا ، أو عدلا فأنت ربنا أعظم من أن تتخذ شريكا فيما خلقت ، والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا و الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما - قرأها إلى قوله تعالى : - إن يقولون إلا كذبا الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة الآيات ، و الحمد لله فاطر السماوات والأرض - الآيتين ، و الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أم ما يشركون بل الله خير وأبقى ، وأحكم وأكرم وأجل وأعظم مما يشركون ، و الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون صدق الله وبلغت رسله وأنا على ذلكم من الشاهدين اللهم صل على جميع الملائكة والمرسلين وارحم عبادك المؤمنين من أهل السماوات والأرضين واختم لنا بخير وافتح لنا بخير وبارك لنا في القرآن العظيم وانفعنا بالآيات والذكر الحكيم ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم بسم الله الرحمن الرحيم . ثم إذا افتتح القرآن قال مثل هذا ولكن ليس أحد يطيق ما كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يطيق ، كذا أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه شعب الإيمان ، وقال قبل ذلك : وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعاء الختم حديث منقطع بإسناد ضعيف ، وقال : وقد [ ص: 466 ] يتساهل أهل الحديث في قبول ما ورد من الدعوات وفضائل الأعمال ما لم يكن في رواية من يعرف بوضع الحديث والكذب في الرواية ، ثم ساق هذا الحديث بإسناده . وأبو جعفر المذكور في الإسناد هو الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام . وعلي بن الحسين هو الإمام زين العابدين فالحديث مرسل ، وفي إسناده جابر الجعفي ، وهو شيعي ضعفه أهل الحديث ووثقه شعبة وحده ويقوي ذلك ما قدمناه عن الإمام أحمد أنه أمر الفضل بن زياد أن يدعو عقيب الختم ، وهو قائم في صلاة التراويح وأنه فعل ذلك معه ، وقد كان بعض السلف يرى أن يدعو للختم ، وهو ساجد كما ( أخبرتنا ) الشيخة ست العرب بالإسناد المتقدم إلى الحافظ أبي بكر البيهقي قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ . أنا أبو بكر الجرجاني ثنا يحيى بن شاسويه ثنا عبد الكريم السكري . أنا علي الباساني قال : كان عبد الله بن المبارك رحمه الله يعجبه إذا ختم القرآن أن يكون دعاؤه في السجود .

                                                          ( قلت ) : وذلك كله حسن أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أقرب ما يكون العبد من ربه ، وهو ساجد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية