الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل : وإن كانت للمغصوب أجرة فعلى الغاصب أجرة مثله مدة بقائه في يده ، وعنه التوقف في ذلك ، قال أبو بكر : هذا قول قديم رجع عنه ، وإن تلف المغصوب فعليه أجرته إلى وقت تلفه ، وإن غصب شيئا فعجز عن رده فأدى قيمته فعليه أجرته إلى وقت أداء القيمة ، وفيما بعده وجهان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( وإن كانت للمغصوب أجرة ) أي : مما تصح إجارته ( فعلى الغاصب أجرة مثله مدة بقائه في يده ) نص عليه في رواية الأثرم ، وسواء استوفى المنافع أو تركها تذهب ; لأن كل ما ضمن بالإتلاف في العقد الفاسد جاز أن يضمنه بمجرد التلف في يده كالأعيان ، لكن نص في قضايا فيها انتفاع ، يؤيده ما نقله ابن منصور إن زرع بلا إذن عليه أجرة الأرض بقدر ما استغلها ، فظاهره أنه لا شيء عليه إذا لم يستغلها ، وعنه : لا يضمن المنافع مطلقا لقوله عليه السلام " الخراج بالضمان " وضمانها على الغاصب وكغنم ، أشبه ما لو زنى بامرأة مطاوعة ، ورد بأنه أتلف مالا متقوما ، فوجب ضمانه كالعين ، والخبر وارد في البيع ، والمرأة رضيت بإتلاف منافعها بغير عوض ولا عقد ، فكان كالإعارة ، والغنم ونحوها لا منافع لها تستحق بعوض ، وعلى الأول لو غصب جارية ومضى زمن يمكن وطؤها لم يضمن مهرها ; لأن منافع البضع لا تتلف إلا بالاستيفاء بخلاف غيرها ، ولو أطرق الفحل لم يضمن منفعته ، لكن عليه ضمان نقصه ، ولو أخذ مالك الأرض الزرع لم يكن على الغاصب أجرة ، إلا أن يأخذه بقيمته ، فتكون له الأجرة إلى وقت [ ص: 186 ] أخذه ( وعنه التوقف عن ذلك ) نقلها عنه محمد بن عبد الحكم فيمن غصب دارا فسكنها عشرين سنة : لا أجترى أن أقول : عليه أجرة ما سكن ، فدل على توقفه عن إيجاب الأجر ، قال في " المغني " و " الشرح " والأول هو المذهب المعروف يؤكده ما ( قال أبو بكر : هذا قول قديم رجع عنه ) لأن محمد بن عبد الحكم مات قبل أحمد بعشرين سنة .

                                                                                                                          ( وإن تلف المغصوب فعليه أجرته إلى وقت تلفه ) لأنه بعد التلف لم يبق له منفعة فلم يجب ضمانها ، كما لو أتلفه من غير غصب ( وإن غصب شيئا فعجز عن رده فأدى قيمته فعليه أجرته إلى وقت أداء القيمة ) لأن منافعها إلى وقت أدائها مملوكة لصاحبها ، فلزمه ضمانها ( وفيما بعده ) أي : بعد أداء القيمة إلى رده ( وجهان ) أصحهما لا يلزمه ; لأنه استحق الانتفاع ببدله الذي أقيم مقامه فلم يستحق الانتفاع به وبما قام مقامه ، والثاني بلى ; لأن العين باقية على ملكه والمنفعة له ، وظاهر كلامهم يضمن رائحة مسك ونحوه ، خلافا للانتصار لا نقدا لتجارة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية