الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 201 ] ذكر ما كان من الحوادث بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة منصرفه من تبوك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الحافظ البيهقي : حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا عم أبي زحر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال : سمعت جدي خريم بن أوس بن حارثة بن لام يقول : هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من تبوك ، فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول : يا رسول الله ، إني أريد أن أمتدحك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل لا يفضض الله فاك . فقال :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع حيث يخصف الورق [ ص: 202 ]     ثم هبطت البلاد لا بشر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أنت ولا مضغة ولا علق     بل نطفة تركب السفين وقد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألجم نسرا وأهله الغرق     تنقل من صالب إلى رحم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذا مضى عالم بدا طبق     حتى احتوى بيتك المهيمن من
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خندف علياء تحتها النطق     وأنت لما ولدت أشرقت الأر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ض وضاءت بنورك الأفق     فنحن في ذلك الضياء وفي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      النور وسبل الرشاد نخترق

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ورواه البيهقي من طريق أخرى ، عن أبي السكين زكريا بن يحيى الطائي وهو في جزء له مروي عنه . قال البيهقي : وزاد : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه الحيرة البيضاء رفعت لي ، وهذه الشيماء بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود " . فقلت يا رسول الله ، إن نحن دخلنا الحيرة فوجدتها كما تصف فهي لي ؟ قال : " هي لك " . قال : ثم كانت الردة ، فما ارتد أحد من طيئ ، وكنا نقاتل من يلينا من العرب على الإسلام ، فكنا نقاتل قيسا وفيها عيينة بن حصن وكنا نقاتل بني أسد وفيهم طليحة بن خويلد وكان خالد بن الوليد يمدحنا ، وكان فيما قال فينا :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      جزى الله عنا طيئا في ديارها     بمعترك الأبطال خير جزاء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      هم أهل رايات السماحة والندى     إذا ما الصبا ألوت بكل خباء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 203 ] هم ضربوا قيسا على الدين بعدما     أجابوا منادي ظلمة وعماء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال : ثم سار خالد إلى مسيلمة الكذاب فسرنا معه ، فلما فرغنا من مسيلمة أقبلنا إلى ناحية البصرة ، فلقينا هرمز بكاظمة في جيش هو أكبر من جمعنا ، ولم يكن أحد من الناس أعدى للعرب والإسلام من هرمز فخرج إليه خالد ودعاه إلى البراز ، فبرز له فقتله خالد وكتب بخبره إلى الصديق فنفله سلبه ، فبلغت قلنسوة هرمز مائة ألف درهم ، وكانت الفرس إذا شرف فيها الرجل جعلت قلنسوته بمائة ألف درهم . قال : ثم أقبلنا على طريق الطف إلى الحيرة ، فأول من تلقانا حين دخلناها الشيماء بنت بقيلة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود " . فتعلقت بها وقلت : هذه وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدعاني خالد عليها بالبينة ، فأتيته بها ، وكانت البينة محمد بن مسلمة ومحمد بن بشير الأنصاري فسلمها إلي ، فنزل إلي أخوها عبد المسيح يريد الصلح ، فقال : بعنيها . فقلت : لا أنقصها والله عن عشر مائة درهم . فأعطاني ألف درهم ، وسلمتها إليه فقيل : لو قلت مائة ألف لدفعها إليك . فقلت : ما كنت أحسب أن عددا أكثر من عشر مائة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية