الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلقة الثانية قي المجلس الواحد بين التأسيس والتأكيد

السؤال

إخواني الكرام:
لدي موضوع في غاية الأهمية وسوف أطرحه على شيوخنا الكرام، فيرجى التدقيق به من النواحي الدينية بحلاله وحرامه، محدثكم شاب عمري 23 سنة متزوج منذ 6 سنوات تقريبا، لدي ولد عمره 3 سنوات، وزوجتي أصغر مني بسنة، وهي اليوم حامل في شهرها الثاني، المهم في الموضوع أني عشت مع زوجتي أياما سعيدة وأكثر منها عشتها بخلافات لكننا صبرنا، ومشكلتي أنه جاءني منذ يومين شاب قال لي أريد التحدث معك على انفراد صعدت معه في السيارة وقال لي : لا أعرف كيف أبدأ الموضوع معك فأنا مستصعب الأمر عليك، المهم قال إنه على علاقة مع زوجتي منذ 6 شهور، وقد تعرف عليها عن طريق صديقه، فصديقه على علاقة مع أختها على الهاتف، وقال إنه أحب زوجتي بعد قولها له أنها تكره زجها وتريد الطلاق منه، ووصفتني بأبشع الصفات ثم أقام معها علاقة فراشية، وقال لي عن أشياء مثل وقت رجوعي إلى البيت، موعد نومي وأشياء قريبة مني، وقال إنه تعلق بابنتي، وأن زوجتي فرشت له الأرض حريرا، وأنها قبل فترة قالت له إن الولد الذي في رحمها منه وبعدها قاطعته ولم ترد عليه على الهاتف، فقام بالحديث مع والدة زوجتي بالموضوع، وطلب منها أن تطلق زوجتي مني ليتزوج بها، جعلني أشاهد صورا على جواله له وهو مع زوجتي وصور لولدي. قلت له من يفعل ذلك لن يجرؤ على قول ما قلته، قال لي إني تعذبت معها وأحببتها من قبل، واليوم صارحتك ليرتاح قلبي.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ذهبت لمنزل أهل زوجتي وهي كانت هناك، قلت لها وأمها بجوارها وعمها وخالها كل الموضوع كما سمعته فردت بالنكران، فطلقتها طلقة واحدة، لا أريد قول أني كنت بحالة عصبية أو مرتاح، ثم تكلمت فقاطعتها بقولي أنت طالق، لكن لم يكن هناك نية للطلقة الثانية، وبعدها بساعة اتصل شخص وقال إن ذلك الشاب كذا وكذا وكذا، وهو يشرب الخمر والحشيش، وأنه لا يعرف ما يقول، فسألته عن الصور قال إنها تطبيق على الكمبيوتر، وأنا أعمل في مجال الجوالات والحواسيب، لكنني لم ألاحظ إن كانت تركيبا أو حقيقية، أما لأنها حقيقية أو لأني كنت في حالة صدمة مما يقوله، وبعد ذلك بوقت جاءني شخص إلى المحل الذي أعمل به، وطلب مني الحديث على انفراد، وقال إنه صديق أخت زوجتي وهو يحبها ويحترمها لكنه لم يستطع الزواج منها بسبب مشكلة طلاقها التي لم تحسم منذ 3 شهور، وأنه لم يلمسها بل كانت معرفة لقاء وهواتف، قلت له وقصة زوجتي؟ قال إنها على علاقة مع ذلك الشاب بالهاتف واللقاء، لكنهما لم يختليا ببعض، وكان على استعداد لقول كل هذا في منزلهم، وثاني يوم سألت زوجتي فأنكرت كل هذا، وقالت تعرفت عليه عن طريق أخيها في الوقت الذي كنت فيه قد سجنت لمدة يومين بسبب مخالفة سير لكي يقف معي في قضية السير، لكنه قال لها لا أستطيع مساعدته، ومنذ ذلك تلك اللحظة وهو يحاول الكلام معها على الهاتف، والموضوع لم يمض عليه شهر ونصف، وهي تطلب مني ردها على أنها تابت عن كل شيء، وهي تريد إعمار بيتها، ولا تريدني أن أهجرها وأدمر حياة ولدي، وهي مستعدة لإجراء الفحوصات اللازمة لتبرهن أن الولد الذي في رحمها ولدي، وسوف تعمل كل ما أطلبه لترضيني. طلبي هنا شيوخي الكرام هل هناك حيز للمغفرة لقوله عز وجل (إن الله غفور رحيم) و(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)؟
هل أردها إلى عصمتي بعد توبتها أو أدفع لها حقوقها لأنه لا يوجد سبب لأغفر لها؟ وإذا رددتها ما هي فتوى طلاقي لها؟ إخواني يرجى التدقيق في الموضوع والفتوى حتى لا أقع بالحرام لا قدر الله؟
جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالطلاق باللفظ الصريح لا يحتاج إلى نية، فقولك لزوجتك في المرة الثانية: أنت طالق يقع به الطلاق، ولا يقبل قولك إنك لم تنو الطلاق، أو أردت بها التأكيد على الطلقة الأولى، إذا كنت قد تلفظت بها بعد مضي زمن يمكنك الكلام فيه.

قال ابن قدامة في المغني: فإن قال أنت طالق، ثم مضى زمن طويل ثم أعاد ذلك للمدخول بها طلقت ثانية، ولم يقبل قوله نويت التوكيد، لأن التوكيد تابع للكلام، فشرطه أن يكون متصلا به.

قال البهوتي: زمن طويل أي زمن يمكنه الكلام فيه.

أمّا إذا كنت قد تلفظت بالثانية متصلة بالأولى إلا بما يكفي لالتقاط نفس أو سعال طارئ أو نحو ذلك، فإنك إذا كنت أردت بها التأكيد أو إفهام زوجتك بالطلقة الأولى فإنها لا تحتسب طلقة ثانية.

قال ابن قدامة: وإذا قال لمدخول بها أنت طالق أنت طالق لزمه تطليقتان إلا أن يكون أراد بالثانية إفهامها أن قد وقعت بها الأولى فتلزمه واحدة.

فإذا كنت قد سبق لك طلاق زوجتك، وأكملت بهذه المرة ثلاث طلقات، فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى فلا تحلّ لك إلّا إذا تزوجّت زوجاً غيرك زواج رغبة لا زواج تحليل، ويدخل بها الزوج، ثم يطلقها وتنتهي عدتها منه.

وأمّا إذا كنت قد طلقت زوجتك دون الثلاث، فمن حقّك إرجاعها ما دامت في العدة، أمّا إذا انتهت عدتها فلا ترجع إليك إلا بعقد جديد.

وإذا كان يظهر لك من زوجتك ريبة وإصرارا فالأولى أن تطلقها، أمّا إذا لم يظهر منها ريبة، أو كانت قد ألمّت بشيء ثمّ تابت منه وظهر لك صدق توبتها، فالأولى أن تمسكها ولا تطلقها، ولا حاجة للتحقق من نسب ولدك فإنّ الأصل أن من يولد على فراشك يلحق بك إلّا أن تنفيه باللعان إذا تيقنت من زنا الزوجة.

واعلم أن الرجل ينبغي أن يقوم بواجبه في القوامة على زوجته، ويسد عليها أبواب الفتن، ويقيم حدود الله في بيته، ويتعاون مع زوجته على طاعة الله، وفي ذلك وقاية من الحرام وأمان من الفتن، فقد جعل الشرع حدوداً وآداباً لتعامل الرجال مع النساء الأجانب، تحقق العفة وتصون الأعراض، فمن ذلك تحريم الخلوة، وتحريم الخضوع بالقول، ومنع الكلام بغير حاجة، والأمر بالحجاب وغض البصر.

وننبّه إلى أنّ الأصل في المسلم السلامة، ولا يجوز اتهامه بغير بينة، كما أنّ الخوض في الأعراض أمر خطير. وانظر الفتوى رقم: 102526.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني