الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من ترك الصلاة يوما واحدا

السؤال

ما حكم من ترك الصلاة يوما واحدا في الأسبوع على منهج شيخ الإسلام وابن عثيمين ـ رحمهما ـ الله، علما بأنه قضاها؟ وهل يكفر إن لم يقضها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يختاره شيخ الإسلام والشيخ العثيمين ـ رحمهما الله ـ أن من ترك الصلاة بالكلية كفر، بخلاف من يصلي ويترك فإنه لا يكفر عندهما، وعليه فصاحب المثال المذكور لا يكفر عندهما، وإن كان السؤال فيه نوع تكلف، لأنه ـ في الغالب ـ لا يوجد من يترك الصلاة يوماً بعينه، مع حرصه على الصلاة سائر الأيام، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 130853.

ونص كلام الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع: والذي يظهر من الأدلَّة: أنَّه لا يكفر إلا بترك الصَّلاة دائماً، بمعنى أنَّه وطَّنَ نفسَه على ترك الصَّلاة، فلا يُصلِّي ظُهراً، ولا عَصراً، ولا مَغرباً، ولا عِشاء، ولا فَجراً، فهذا هو الذي يكفر فإن كان يُصلِّي فرضاً أو فرضين فإنَّه لا يكفر، لأنَّ هذا لا يَصْدُقُ عليه أنه ترك الصَّلاة، وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: بين الرَّجُلِ وبين الشِّركِ والكفرِ تَرْكُ الصَّلاة ولم يقل: تَرَكَ صلاةً. انتهى.

ويرى شيخ الإسلام أن تارك الصلاة عمداً لا يشرع له القضاء، قال: لكن إذا علم الوجوب هل يجب عليه القضاء؟ فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد ومالك وغيرهما، قيل يجب عليه القضاء وهو المشهور عن أصحاب الشافعي وكثير من أصحاب أحمد، وقيل لا يجب عليه القضاء، وهذا هو الظاهر.

وكذلك الشيخ ابن عثيمين، فقد جاء في فتاويه: والقول الثاني في المسألة: أنه لا يجب القضاء على من ترك عبادة مؤقتة حتى خرج وقتها بدون عذر، وذلك لأن العبادة المؤقتة عبادة موصوفة أن تقع في ذلك الزمن المعين، فإذا أخرجت عنه بتقديم أو تأخير فإنها لا تقبل، فكما أن الرجل لو صلى قبل الوقت لم تقبل منه على أنها فريضة، ولو صام قبل رمضان لم يقبل منه على أنه فريضة، فكذلك إذا أخر الصلاة عن وقتها بدون عذر فإنها لا تقبل منه، وكذلك لو أخر صيام رمضان بدون عذر فإنه لا يقبل منه، وهذا القول هو الراجح، وذلك لأن الإنسان إذا أخرج العبادة عن وقتها وعملها بعده فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ـ وإذا كان عمله مردوداً، فإن تكليفه بقضائه تكليف بما لا فائدة منه، وعلى هذا السائل أن يتوب إلى الله توبة صادقة نصوحاً، ويكثر من الأعمال الصالحة، والتوبة تجب ما قبلها، كما ثبت ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...انتهى.

فلا علاقة للتكفير عندهما بمسألة القضاء، إذ إنهما لا يريان مشروعيته، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 199973.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني