الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آيات سورة الحج المذكورة لا تتعلق بعقوبة المتبرجة وثواب المحجبة

السؤال

هل عدم تغطية المرأة لقدميها بجورب (شراب) (طويل يستر الكعبين، ولا يشف، وليس بلون البشرة (بيج بدرجاته)، وليس مثقبا) أو عدم إرسال طرف ثوبها ليغطي قدميها، وعدم تغطية سائر جسمها بلبس (طويل للقدمين بلا فتحة، واسع، لا يشف، غير معطر، ولا مبخر، ولا زينة في نفسه، ولا ثوب شهرة، ولا يشبه لبس الرجال أو الكافرات) يكون سببا في أن تلبس ثيابا من النار؛ مصداقا لقول الله (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّنْ نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْـحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِى بُطُونِهِمْ وَالـْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَآ أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غـَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْـحَرِيقِ)الحج(19-22).
وهل تغطيتها لقدميها بجورب (شراب) طويل يستر الكعبين، وداكن (غامق) لا يشف، وليس مثقبا، وليس بلون الجلد (بيج بدرجاته)، وتغطية سائر بدنها بلبس (طويل للقدمين بلا فتحة، واسع، لا يشف، غير معطر، ولا مبخر، ولا ثوب شهرة، ولا يشبه لبس الرجال أو الكافرات) وعدم تزيين وجهها وعينيها وأظافرها عند الخروج من بيتها، وعدم تمايلها في مشيتها، وعدم ضربها برجلها بلبس كعب عال- خلخال- وعدم لبس أساور تصطك محدثة صوتا، وعدم تباهيها بلبس الماركات الغالية في اللبس والأحذية والشنط ونحوها، وعدم تباهيها بلبس المجوهرات الغالية: يكون سببا في أن يلبسها الله الحرير في الجنة، ويحليها بذهب ولؤلؤ؛ مصداقا لقول الله (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الـَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنـَّاتٍ تَجْرِى مِن تـَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) الحج(23).
سدد الله فتواكم، وجعل كل أقوالكم وأعمالكم خالصة لوجه الله، وذخرا لكم في حياتكم وبعد مماتكم، وجعل علمكم نهرا من الحسنات التي لا تنقطع في حياتكم وبعد مماتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيغني عن ذكر تلك التفاصيل أن يكون السؤال عن عقوبة المتبرجة وثواب المحجبة.
وقد سبق الكلام عن عقوبة المتبرجة في الفتويين 115873، 26387.
وأما بخصوص الآيات المذكورة في عذاب النار ، فليست في المرأة المتبرجة ، وإنما هي في حق الكفار؛ كما جاء صريحا في أول الآية: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ {الحج:19} قال السعدي:" { فَالَّذِينَ كَفَرُوا } يشمل كل كافر، من اليهود، والنصارى، والمجوس، والصابئين، والمشركين" اهـ

وأما المرأة الملتزمة بدينها من حجاب شرعي وغيره ، فيشملها كما يشمل غيرها من المؤمنين والمؤمنات قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ {الحج:23}، قال السعدي:" أي: يسورون في أيديهم، رجالهم ونساؤهم أساور الذهب" اهـ
وعلى ذلك فسياق تلك الآيات من سورة الحج إنما هو في عقوبة الكفار وثواب المؤمنين في الآخرة ، فلا وجه لتنزيله على المقارنة بين عقوبة المتبرجة وثواب المحجبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني