الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      صفحة جزء
      سبب نظم المتن وتأليف الشرح

      وقد سألني من لا تسعني مخالفته من المحبين أن أنظم مختصرا ، يسهل حفظه على الطالبين ، ويقرب مناله للراغبين ، يفصح عن عقيدة السلف الصالح ويبين ، فأجبته إلى ذلك مستعينا بالله ، راجيا الثواب من الله ، قائلا لا حول ولا قوة إلا بالله ، وضممت إلى ذلك مسائل نافعة تتعلق بهذه العصور من التنبيه على ما افتتن به العامة من عبادة الأشجار ، والأحجار والقبور ، ومناقضتهم التوحيد بالشرك الذي هو [ ص: 63 ] أقبح المحظور ، وصرف جل العبادة لغير الله من الدعاء ، والرجاء والخوف والمحبة والذبح والنذور ، فيسر الله - تعالى - ذلك بمنه وإفضاله ، وأعانني وله الحمد والمنة على إكماله .

      وسميته ( سلم الوصول إلى مباحث علم الأصول ) ، فلما انتشر بأيدي الطلاب وعظمت فيه رغبة الأحباب ، سئل مني أن أعلق تعليقا لطيفا يحل مشكله ، ويفصل مجمله ، مقتصرا على ذكر الدليل ومدلوله من كلام الله - تعالى - وكلام رسوله ، فاستخرت الله - تعالى - بعلمه ، واستقدرته بقدرته ، فعن لي أن أعزم على ذلك الأمر المسئول ، مستمدا من الله - تعالى - الإعانة على نيل السول ، وسميته ( معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ) . والله أسأل أن يعين على إكماله بمنه وفضله ، وأن ينفعني وطلاب العلم به وبأصله ، وأن يهدينا الصراط المستقيم ، ويجعلنا من أنصار التوحيد وأهله ، إنه سميع قريب مجيب ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

      [ ص: 64 ] [ ص: 65 ] بسم الله الرحمن الرحيم

      شرح مقدمة المنظومة


      أبدأ باسم الله مستعينا راض به مدبرا معينا

      ( أبدأ ) في جميع حركاتي وسكناتي ، وأقوالي وأعمالي ، وفي شأني كله ، ومنه هذا التصنيف ( باسم الله ) متبركا و ( مستعينا ) به ، أو إياه بالباء وبدونه ، أي طالبا منه العون على فعل طاعته ، وترك معصيته ، كما قال - تعالى - معلما لنا في فاتحة الكتاب : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، ( الفاتحة 5 ) ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله . وهو خطاب شامل لجميع الأمة ، وفي ضمن ذلك الأمر الواقع في جواب الشرط نهي لنا عن الاستعانة بغير الله - عز وجل ; لأنه لا خالق للعباد وأفعالهم غيره تعالى ، فإذا كان المخلوق لا يقدر على فعل نفسه إلا بما أقدره الله - تعالى - عليه ، فكيف يجوز أن تطلب الإعانة منه على فعل غيره ، والعاقل يفهم ذلك بادئ بدء .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية