الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            استدلال آخر : قال بعض المجتهدين : يمكن أن يستدل لطهارة الشعر بالدباغ بنفس الحديث ، وهو قوله : ( إذا دبغ الإهاب فقد طهر ) ; لأن اسم الإهاب ينطلق على الجلد بشعره ، فيقال : هذا إهاب الميتة ، ولا يلزم أن يقال : هذا إهابها وشعرها ، وإذا انطلق الاسم عليه حصلت الطهارة قال : ومما يؤيده حديث أبي الخير قال : رأيت على ابن وعلة فروا فكلمته فيه ، فقال : سألت عبد الله بن عباس فقلت : إنا نكون بأرض المغرب ، ومعنا البربر والمجوس نؤتى بالكبش قد ذبحوه ، ونحن لا نأكل ذبائحهم ، ونؤتى بالسقاء يجعلون فيه الودك ، فقال ابن عباس : قد سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : ( دباغه طهوره ) .

            وحديث ثابت البناني قال : كنت سابع سبعة مع عبد الرحمن بن أبي ليلى في المسجد فأتى شيخ ذو ضفرتين ، فقال : يا أبا عيسى ، حدثني حديث أبيك في الفراء ، فقال : حدثني أبي قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل ، فقال : يا رسول الله ، أنصلي في الفراء ؟ قال : فأين الدبغ ؟ فلما ولى ، قلت : من هذا ؟ قال : هذا سويد بن غفلة .

            قال هذا المجتهد المذكور : يمكن أن يستدل بالحديث على عدم نجاسة الشعور أصلا ورأسا بأن يجعل دليلا على مقدمة في الدليل ، وطريقه أن يقال : لو نجس الشعر بالموت ، لكان طاهرا بعد الدباغ ، لكن كان طاهرا قبل الدباغ ، فلا ينجس بالموت .

            بيان الملازمة أن الدباغ إنما يفيد الطهارة في ما له أثر ، ولا أثر للدباغ في الشعر ، فلا يفيد الطهارة ، وبيان أنه طاهر بعد الدباغ أن اسم الإهاب يطلق عليه بالشعر المتصل به ، فيقال : هذا إهاب الشاة مثلا ، ولا يلزم أن يقال : هذا إهابها وشعرها .

            فدل ذلك على إطلاق اسم الإهاب على الجلد بشعره ، وإذا انطلق عليه وجب أن يطهر لقوله عليه الصلاة والسلام : ( أيما إهاب دبغ فقد طهر ) والاعتراض عليه يمنع الملازمة ، وقوله في تقريرها : إن الدباغ إنما يفيد الطهارة فيما له أثر يقال عليه : إنما يفيدها فيما له فيه أثر قصدا أو تبعا الأول مسلم صاحب الخادم : قال بعضهم : - كأنه يعني البلقيني وهو المختار من جهة لا سيما [ ص: 24 ] وانطلاق لفظ الإهاب على الجميع . انتهى .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية