الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
324 230 - (322) - (1 \ 46) عن حميد بن عبد الرحمن الحميري حدثنا ابن عباس، بالبصرة، قال: أنا أول من أتى عمر حين طعن، فقال: احفظ عني ثلاثا، فإني أخاف أن لا يدركني الناس: أما أنا فلم أقض في الكلالة قضاء، ولم أستخلف على الناس خليفة، وكل مملوك له عتيق. فقال له الناس:

[ ص: 198 ] استخلف. فقال: أي ذلك أفعل فقد فعله من هو خير مني، إن أدع إلى الناس أمرهم، فقد تركه نبي الله عليه الصلاة والسلام، وإن أستخلف، فقد استخلف من هو خير مني: أبو بكر. فقلت له: أبشر بالجنة، صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطلت صحبته، ووليت أمر المؤمنين فقويت وأديت الأمانة. فقال: أما تبشيرك إياي بالجنة، فوالله لو أن لي - قال عفان: فلا والله الذي لا إله إلا هو، لو أن لي - الدنيا بما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم الخبر، وأما قولك في أمر المؤمنين، فوالله لوددت أن ذلك كفافا ، لا لي ولا علي، وأما ما ذكرت من صحبة نبي الله صلى الله عليه وسلم فذلك .


التالي السابق


* قوله: "أي ذلك" : أي: أي; أي: أي الأمرين من الاستخلاف وتركه، وهو بالنصب مفعول أفعل.

* "ووليت" : - بكسر لام - على بناء الفاعل من الولاية، ويحتمل أن يكون على بناء المفعول من التولية.

* "فقويت" : - بفتح فكسر - .

* "فوالله" : يريد أن أمره إلى الله، وهذا إما لأنه ما بلغه حديث التبشير، أو لأنه خاف أن يكون مقيدا بقيد قصر في رعايته، أو جوز أن يكون محمل الحديث: دخول الجنة عاقبة الأمر، وبالجملة فقد كان - رضي الله تعالى عنه - في مقام الخوف من جلال المولى.

* "كفافا" : - بفتح الكاف - أن يكون كفافا على أنه خبر كان المقدر، أو نجوت منه كفافا على أنه حال، والكفاف: ما لا يفضل عن الشيء، ويكون بقدر الحاجة، فهو حال من ضمير منه; أي: نجوت منه حال كونه لا يفضل لنا ولا علينا، أو من الفاعل بتأويل: مكفوفا عني شره، وقيل: أي: لا ينال مني،

[ ص: 199 ] ولا أنال منه; أي: يكف عني، وأكف عنه، قاله هضما لنفسه، أو رأى أن الإنسان لا يخلو عن تقصير منه.

* "فذلك" : أي: فذلك الذي أرجو بركته، أو فذلك صحيح، أو مما من الله به علي.

* * *




الخدمات العلمية