الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة عشرة : البكر يجلد ويغرب ، وبه قال الشافعي وأحمد .

                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حنيفة وحماد : لا يقضى بالنفي حدا إلا أن يراه الحاكم [ تعزيرا ] ، واحتجا بقوله تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } ولم يذكر تغريبا ، والزيادة على النص نسخ . قلنا : لا نسلم أن الزيادة على النص نسخ ، وقد بيناه في غير موضع . [ ص: 463 ]

                                                                                                                                                                                                              جواب ثان : قد رددتم البينة بخبر لا يصح على الماء والتراب . جواب ثالث : وذلك أن الله تعالى ذكر الجلد ، ولم يذكر الرجم ، وهو زيادة عليه . جواب رابع : وذلك أن الله تعالى لم يذكر الإحصان ولا الحرية ، فتبين أن المقصود من الآية بيان جنس الحد ، والفرق بين المحصن وغير المحصن .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة عشرة : المرأة لا تغرب خلافا للشافعي وغيره حين تعلقوا بعموم الحديث ، والمعنى يخصه ; فإن المرأة تحتاج من الصيانة والحفظ والقصر عن الخروج والتبرز اللذين يذهبان بالعفة إلى ما لا يحتاج إليه الرجل .

                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة عشرة : العبد لا يغرب خلافا للشافعي حيث يقول بعموم الخبر ، ويخصه قوله صلى الله عليه وسلم : { إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ، ثم إن زنت فليجلدها ، ثم قال في الثالثة أو الرابعة فليبعها ، ولو بضفير } . فكرر ذكر الجلد ، ولم يذكر التغريب ، ولو كان واجبا لكرره أو ذكره . وأيضا ، فإن المعنى يخصه ; لأن المقصود من تغريب الحر إيذاؤه بالحيلولة له بينه وبين أهله ، والإهانة له ; ولا يتصور ذلك في العبد .

                                                                                                                                                                                                              المسألة السابعة عشرة : في أصل التغريب : وهو أنه أجمع رأي خيار بني إسماعيل على أن من أحدث في الحرم حدثا غرب منه ، وكان ذلك مما بينه لهم أولهم ، فصارت سنة لهم فيه يدينون بها ، فلأجل ذلك استن الناس إذا أحدث أحد حدثا غرب عن بلده ; وتمادى ذلك إلى الجاهلية إلى أن جاء الإسلام فأقره في الزنا خاصة ; لأن المظالم يمكن كف الظالم عنها جهرا ، فلا [ ص: 464 ] يقدر عليها سرا ، والزنا ليس الكف عنه بكامل حتى يغرب عن موضعه ، فلا تكون له حيلة في السر يتوصل بها إلى العودة إليه أو إلى مثله .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية