الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة : في كيفية نحر الهدي :

                                                                                                                                                                                                              وفيه أقوال : الأول : قال ابن وهب : أخبرني ابن أبي ذئب أنه سأل ابن شهاب عن الصواف ، فقال : يقيدها ثم يصفها .

                                                                                                                                                                                                              وقال لي مالك بن أنس مثله . وقال : فينحرها قائمة ، ولا يعقلها ، إلا أن يضعف إنسان فيتخوف أن تتفلت بدنته ، فلا بأس بأن ينحرها معقولة ، وإن كان يقوى عليها فلينحرها قائمة مصفوفة يداها بالقيود .

                                                                                                                                                                                                              قال : وسألت مالكا عن البدنة تنحر وهي قائمة هل تعرقب ؟ قال : ما أحب ذلك إلا أن يكون الإنسان يضعف عنها ، فلا يقوى عليها ، فيخاف أن تتفلت منه ، فلا أرى بأسا أن يعرقبها ، وهذه الأقوال الثلاثة للعلماء : الأول : يقيمها .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : يقيدها أو يعقلها .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : يعرقبها .

                                                                                                                                                                                                              وزاد مالك أن يكون الأمر يختلف بحسب قوة الرجل وضعفه .

                                                                                                                                                                                                              وروي عن بعض السلف مثله . والأحاديث الصحاح في ذلك ثلاثة : الأول : في نحرها مقيدة : في الصحيح عن ابن عمر أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته فنحرها قال : " ابعثها قياما مقيدة سنة محمد " . الثاني : في نحرها قائمة : في الصحيح عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده سبع بدن قياما } . [ ص: 293 ] وقد كان ابن عمر يأخذ الحربة بيده في عنفوان أيده فينحر بها في صدرها ويخرجها على سنامها ، فلما أسن كان ينحرها باركة لضعفه ، ويمسك معه رجل الحربة ، وآخر بخطامها .

                                                                                                                                                                                                              والعقل بعض تقييد ، والعرقبة تعذيب لا أراه إلا لو ند ، فلا بأس بعرقبته .

                                                                                                                                                                                                              المسألة السابعة : قوله تعالى : { فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها }

                                                                                                                                                                                                              يعني سقطت على جنوبها ، يريد ميتة ، كنى عن الموت بالسقوط على الجنب ، كما كنى عن النحر والذبح بذكر اسم الله ، والكنايات في أكثر المواضع أبلغ من التصريح قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                              لمعفر قهد ينازع شلوه غبس كواسب ما يمن طعامها

                                                                                                                                                                                                              وقال آخر :

                                                                                                                                                                                                              فتركنه جزر السباع ينشنه     ما بين قلة رأسه والمعصم

                                                                                                                                                                                                              في معناه ، وذلك كثير .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية