الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رغم ]

                                                          رغم : الرغم والرغم والرغم : الكره ، والمرغمة مثله . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : بعثت مرغمة ، المرغمة الرغم أي : بعثت هوانا وذلا للمشركين ، وقد رغمه ورغمه يرغم ، ورغمت السائمة المرعى ترغمه ، وأنفته تأنفه : كرهته ، قال أبو ذؤيب :


                                                          وكن بالروض لا يرغمن واحدة من عيشهن ولا يدرين كيف غد



                                                          ويقال : ما أرغم من ذلك شيئا أي : ما أنقمه وما أكرهه . والرغم : الذلة . ابن الأعرابي : الرغم التراب ، والرغم الذل ، والرغم القسر ، قال : وفي الحديث وإن رغم أنفه أي : ذل ، رواه بفتح الغين ، وقال ابن شميل : على رغم من رغم ، بالفتح ، أيضا . وفي حديث معقل بن يسار : رغم أنفي لأمر الله أي : ذل وانقاد . ورغم أنفي رغما ورغم يرغم ويرغم ، ورغم ، الأخيرة عن الهجري ، كله : ذل عن كره وأرغمه الذل . وفي الحديث : إذا صلى أحدكم فليلزم جبهته وأنفه الأرض حتى يخرج منه الرغم ، معناه حتى يخضع ويذل ويخرج منه كبر الشيطان ، وتقول : فعلت ذلك على الرغم من أنفه . ورغم فلان - بالفتح - إذا لم يقدر على الانتصاف ، وهو يرغم رغما ، وبهذا المعنى رغم أنفه . والمرغم والمرغم : الأنف ، وهو المرسن والمخطم والمعطس ، قال الفرزدق يهجو جريرا :


                                                          تبكي المراغة بالرغام على ابنها     والناهقات يهجن بالإعوال



                                                          وفي الحديث : أنه - عليه السلام - قال : رغم أنفه ثلاثا ، قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك أبويه أو أحدهما حيا ولم يدخل الجنة . يقال : أرغم الله أنفه أي : ألزقه بالرغام ، وهو التراب ، هذا هو الأصل ، ثم استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره . وفي الحديث : وإن رغم أنف أبي الدرداء أي : وإن ذل ، وقيل : وإن كره . وفي حديث سجدتي السهو : كانتا ترغيما للشيطان . وفي حديث أسماء : إن أمي قدمت علي راغمة مشركة أفأصلها ؟ قال : نعم ، لما كان العاجز الذليل لا يخلو من غضب ، قالوا : ترغم إذا غضب وراغمة أي : غاضبة ، تريد أنها قدمت علي غضبى لإسلامي وهجرتي متسخطة لأمري أو كارهة مجيئها إلي لولا مسيس الحاجة ، وقيل : هاربة من قومها من قوله تعالى : يجد في الأرض مراغما كثيرا أي : مهربا ومتسعا ، ومنه الحديث : إن السقط ليراغم ربه إن أدخل أبويه النار أي : يغاضبه . وفي حديث الشاة السمومة : فلما أرغم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرغم بشر بن البراء ما في فيه أي : ألقى اللقمة من فيه في التراب . ورغم فلان أنفه : خضع . وأرغمه : حمله على ما لا يقدر أن يمتنع منه . ورغمه : قال له رغما ودغما ، وهو راغم داغم ، ولأفعلن ذلك رغما وهوانا ، نصبه على إضمار الفعل المتروك إظهاره . ورجل راغم داغم : إتباع ، وقد أرغمه الله وأدغمه ، وقيل : أرغمه أسخطه ، وأدغمه ، بالدال : سوده . وشاة رغماء : على طرف أنفها بياض أو لون يخالف سائر بدنها . وامرأة مرغامة : مغضبة لبعلها ، وفي الخبر : قال بينا عمر بن الخطاب - رحمه الله - يطوف بالبيت إذ رأى رجلا يطوف وعلى عنقه مثل المهاة وهو يقول :


                                                          عدت لهذي جملا ذلولا     موطأ أتبع السهولا
                                                          أعدلها بالكف أن تميلا     أحذر أن تسقط أو تزولا



                                                          أرجو بذاك نائلا جزيلا



                                                          [ ص: 186 ] فقال له عمر : يا عبد الله من هذه التي وهبت لها حجك ؟ قال : امرأتي ، يا أمير المؤمنين ! إنها حمقاء مرغامة ، أكول قامة ، ما تبقى لها خامة ! قال : ما لك لا تطلقها ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، هي حسناء فلا تفرك ، وأم صبيان فلا تترك ! قال : فشأنك بها إذا . والرغام : الثرى . والرغام - بالفتح - : التراب وقيل : التراب اللين وليس بالدقيق ، وقال :


                                                          ولم آت البيوت مطنبات     بأكثبة فردن من الرغام



                                                          أي : انفردن ، وقيل : الرغام رمل مختلط بتراب . الأصمعي : الرغام من الرمل ليس بالذي يسيل من اليد . أبو عمرو : الرغام دقاق التراب ، ومنه يقال : أرغمته أي : أهنته وألزقته بالتراب . وحكى ابن بري قال : قال أبو عمرو : الرغام رمل يغشى البصقة ، وهي الرغمان ، وأنشد لنصيب :


                                                          فلا شك أن الحي أدنى مقيلهم     كناثر أو رغمان بيض الدوائر



                                                          والدوائر : ما استدار من الرمل . وأرغم الله أنفه ورغمه : ألزقه بالرغام . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : أنها سئلت عن المرأة توضأت وعليها الخضاب فقالت : اسلتيه وأرغميه ، معناه أهينيه وارمي به عنك في التراب . ورغم الأنف نفسه : لزق بالرغام . ويقال : رغم أنفه إذا خاس في التراب . ويقال : رغم فلان أنفه . الليث : الرغام ما يسيل من الأنف من داء أو غيره ، قال الأزهري : هذا تصحيف ، وصوابه الرعام بالعين . وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : من قال الرغام فيما يسيل من الأنف فقد صحف ، وكان أبو إسحاق الزجاج أخذ هذا الحرف من كتاب الليث فوضعه في كتابه وتوهم أنه صحيح ، قال : وأراه عرض الكتاب على المبرد والقول ما قاله ثعلب . قال ابن سيده : والرغام والرغام ما يسيل من الأنف ، وهو المخاط ، والجمع أرغمة ، وخص اللحياني به الغنم والظباء . وأرغمت : سال رغامها ، وقد تقدم في العين المهملة أيضا . والمراغمة : الهجران والتباعد . والمراغمة : المغاضبة . وأرغم أهله وراغمهم : هجرهم . وراغم قومه : نبذهم وخرج عنهم وعاداهم . ولم أبال رغم أنفه أي : وإن لصق أنفه بالتراب . والترغم : التغضب وربما جاء - بالزاي - قال ابن بري : ومنه قول الحطيئة :


                                                          ترى بين لحييها إذا ما ترغمت     لغاما كبيت العنكبوت الممدد



                                                          والمراغم : السعة والمضطرب ، وقيل : المذهب والمهرب في الأرض ، وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : يجد في الأرض مراغما معنى مراغما مهاجرا ، المعنى يجد في الأرض مهاجرا لأن المهاجر لقومه والمراغم بمنزلة واحدة وإن اختلف اللفظان ، وأنشد :


                                                          إلى بلد غير داني المحل     بعيد المراغم والمضطرب



                                                          قال : وهو مأخوذ من الرغام وهو التراب ، وقيل : مراغما مضطربا . وعبد مراغم أي : مضطرب على مواليه . والمراغم : الحصن كالعصر عن ابن الأعرابي وأنشد للجعدي :


                                                          كطود يلاذ بأركانه     عزيز المراغم والمهرب



                                                          وأنشد ابن بري لسالم بن دارة :


                                                          أبلغ أبا سالم أن قد حفرت له     بئرا تراغم بين الحمض والشجر



                                                          وما لي عن ذلك مرغم أي : منع ولا دفع . والرغامى : زيادة الكبد مثل الرعامى - بالغين والعين المهملة - وقيل : هي قصبة الرئة ، قال أبو وجزة السعدي :


                                                          شاكت رغامى قذوف الطرف خائفة     هول الجنان وما همت بإدلاج



                                                          وقال الشماخ يصف الحمر :


                                                          يحشرجها طورا وطورا كأنما     لها بالرغامى والخياشيم جارز



                                                          قال ابن بري : قال ابن دريد : الرغامى قصب الرئة ، وأنشد :


                                                          يبل من ماء الرغامى ليته     كما يرب سالئ حميته



                                                          والرغامى من الأنف ، وقال ابن القوطية : الرغامى الأنف وما حوله . والرغامى : نبت ، لغة في الرخامى . والترغم : الغضب بكلام وغيره والتزغم بكلام ، وقد روي بيت لبيد :


                                                          على خير ما يلقى به من ترغما



                                                          ومن تزعما . وقال المفضل في قوله : فعلته على رغمه : أي : على غضبه ومساءته . يقال : أرغمته أي : أغضبته ، قال مرقش :


                                                          ما ديننا في أن غزا ملك     من آل جفنة حازم مرغم



                                                          معناه مغضب . وفي حديث أبي هريرة : صل في مراح الغنم وامسح الرغام عنها ، قال ابن الأثير : كذا رواه بعضهم - بالغين المعجمة - قال : ويجوز أن يكون أراد مسح التراب عنها رعاية لها وإصلاحا لشأنها . ورغيم : اسم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية