الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رفق ]

                                                          رفق : الرفق : ضد العنف . رفق بالأمر وله وعليه يرفق رفقا ورفق يرفق ورفق : لطف . ورفق بالرجل وأرفقه بمعنى . وكذلك ترفق به . ويقال : أرفقته أي : نفعته ، وأولاه رافقة أي : رفقا ، وهو به رفيق لطيف ، وهذا الأمر بك رفيق ورافق ، وفي نسخة : ورافق عليك . الليث : الرفق لين الجانب ولطافة الفعل ، وصاحبه رفيق وقد رفق يرفق ، وإذا أمرت قلت : رفقا ، ومعناه ارفق رفقا . ابن الأعرابي : رفق انتظر ، ورفق إذا كان رفيقا بالعمل . قال شمر : ويقال رفق به ورفق به وهو رافق به ورفيق به . أبو زيد : رفق الله بك ورفق عليك رفقا ومرفقا وأرفقك الله إرفاقا . وفي حديث المزارعة : نهانا عن أمر كان بنا رافقا أي : ذا رفق والرفق : لين الجانب خلاف العنف . الحديث : ما كان الرفق في شيء إلا زانه أي : اللطف ، وفي الحديث : في إرفاق ضعيفهم وسد خلتهم أي : إيصال الرفق إليهم ، والحديث الآخر : أنت رفيق والله الطبيب أي : أنت ترفق بالمريض وتلطفه والله الذي يبرئه ويعافيه . ويقال للمتطبب : مترفق ورفيق ، وكره أن يقال طبيب في خبر ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم . والرفق والمرفق والمرفق والمرفق ما استعين به ، وقد ترفق به وارتفق . وفي التنزيل : ويهيئ لكم من أمركم مرفقا من قرأه مرفقا جعله مثل مقطع ، ومن قرأه مرفقا جعله اسما مثل مسجد ويجوز مرفقا أي : رفقا مثل مطلع ولم يقرأ به ، التهذيب : كسر الحسن والأعمش الميم من مرفق ، ونصبها أهل المدينة وعاصم ، فكأن الذين فتحوا الميم وكسروا الفاء أرادوا أن يفرقوا بين المرفق من الأمر وبين المرفق من الإنسان ، قال : وأكثر العرب على كسر الميم من الأمر ومن مرفق الإنسان ، قال : والعرب أيضا تفتح الميم من مرفق الإنسان ، لغتان في هذا وفي هذا . وقال الأخفش في قوله تعالى : ويهيئ لكم من أمركم مرفقا : وهو ما ارتفقت به ويقال مرفق ، وقال يونس : الذي أختاره المرفق في الأمر ، والمرفق في اليد ، والمرفق المغتسل . ومرافق الدار : مصاب الماء ونحوها . التهذيب : والمرفق من مرافق الدار من المغتسل والكنيف ونحوه . وفي حديث أبي أيوب : وجدنا مرافقهم قد استقبل بها القبلة ، يريد الكنف والحشوش ، واحدها مرفق ، بالكسر . الجوهري : والمرفق والمرفق موصل الذراع في العضد ، وكذلك المرفق والمرفق من الأمر وهو ما ارتفقت وانتفعت به . ابن سيده : المرفق والمرفق من الإنسان والدابة أعلى الذراع وأسفل العضد . والمرفقة بالكسر ، والمرفق : المتكأ والمخدة . وقد ترفق عليه وارتفق : توكأ وقد تمرفق إذا أخذ مرفقة . وبات فلان مرتفقا أي متكئا على مرفق يده ; وأنشد ابن بري لأعشى باهلة :


                                                          فبت مرتفقا والعين ساهرة كأن نومي علي الليل محجور



                                                          وقال عز وجل : نعم الثواب وحسنت مرتفقا قال الفراء : أنث الفعل على معنى الجنة ، ولو ذكر كان صوابا ، ابن السكيت : مرتفقا أي : متكأ . يقال : قد ارتفق إذا اتكأ على مرفقة . وقال الليث : المرفق مكسور من كل شيء من المتكأ ومن اليد ومن الأمر . وفي الحديث : أيكم ابن عبد المطلب ؟ قالوا : هو الأبيض المرتفق أي : المتكئ على المرفقة ، وهي كالوسادة ، وأصله من المرفق ، كأنه استعمل مرفقه واتكأ عليه ; ومنه حديث ابن ذي يزن :


                                                          اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا



                                                          وقيل : المرفق من الإنسان والدابة ، والمرفق الأمر الرفيق ، ففرق بينهما بذلك . والرفق : انفتال المرفق عن الجنب ، وقد رفق وهو أرفق ، وناقة رفقاء ، قال أبو منصور : الذي حفظته بهذا المعنى ناقة دفقاء وجمل أدفق إذا انفتق مرفقه عن جنبه ، وقد تقدم ذكره . وبعير مرفوق : يشتكي مرفقه . وناقة رفقاء : اشتد إحليل خلفها فحلبت دما ، ورفقة : ورم ضرعها ، وهو نحو الرفقاء ، وقيل : الرفقة التي توضع التودية على إحليلها فيقرح ، قال زيد بن كثوة : إذا انسدت أحاليل الناقة قيل : بها رفق ، وناقة رفقة ، قال : وهو حرف غريب . الليث : المرفاق من الإبل إذا صرت أوجعها الصرار ، فإذا حلبت خرج منها دم ، وهي الرفقة : وناقة رفيقة أيضا : مذعنة . والرفاق : حبل يشد من الوظيف إلى العضد ، وقيل : هو حبل يشد في عنق البعير إلى رسغه ، قال بشر بن أبي خازم :


                                                          فإنك والشكاة من آل لأم [ ص: 196 ]     كذات الضغن تمشي في الرفاق



                                                          والجمع رفق . وذات الضغن : ناقة تنزع إلى وطنها ، يعني أن ذات الضغن ليست بمستقيمة المشي لما في قلبها من النزاع إلى هواها وكذلك أنا لست بمستقيم لآل لأم لأن في قلبي عليهم أشياء ، ومثله قول الآخر :


                                                          وأقبل يزحف زحف الكسير     كأن على عضديه رفاقا



                                                          ورفقها يرفقها رفقا : شد عليها الرفاق ، وذلك إذا خيف أن تنزع إلى وطنها فشدها . الأصمعي : الرفاق أن يخشى على الناقة أن تنزع إلى وطنها فيشد عضدها شدا شديدا لتخبل عن أن تسرع ، وذلك الحبل هو الرفاق ، وقد يكون الرفاق أيضا أن تظلع من إحدى يديها فيخشون أن تبطر اليد الصحيحة السقيمة ذرعها فيصير الظلع كسرا ، فيحز عضد اليد الصحيحة لكي تضعف فيكون سدوهما واحدا . وجمل مرفاق إذا كان مرفقه يصيب جنبه . ورافق الرجل : صاحبه . ورفيقك : الذي يرافقك ، وقيل : هو الصاحب في السفر خاصة ، الواحد والجمع في ذلك سواء مثل الصديق . قال الله تعالى : وحسن أولئك رفيقا وقد يجمع على رفقاء ، وقيل : إذا عدا الرجلان بلا عمل فهما رفيقان ، فإن عملا على بعيريهما فهما زميلان . وترافق القوم وارتفقوا : صاروا رفقاء . والرفاقة والرفقة والرفقة واحد : الجماعة المترافقون في السفر ، قال ابن سيده : وعندي أن الرفقة جمع رفيق ، والرفقة اسم للجمع ، والجمع رفق ورفق ورفاق . ابن بري : الرفاق جمع رفقة كعلبة وعلاب ، قال ذو الرمة :


                                                          قياما ينظرون إلى بلال     رفاق الحج أبصرت الهلالا



                                                          قالوا في تفسير الرفاق : جمع رفقة ; ويجمع رفق أيضا ; ومن قال رفقة ; قال رفق ورفاق ، وقيس تقول : رفقة ، وتميم : رفقة . ورفاق أيضا : جمع رفيق ككريم وكرام . والرفاق أيضا : مصدر رافقته . الليث : الرفقة يسمون رفقة ما داموا منضمين في مجلس واحد ومسير واحد ; فإذا تفرقوا ذهب عنهم اسم الرفقة ، والرفقة : القوم ينهضون في سفر يسيرون معا وينزلون معا ولا يفترقون ، وأكثر ما يسمون رفقة إذا نهضوا ميارا ، وهما رفيقان وهم رفقاء . ورفيقك : الذي يرافقك في السفر تجمعك وإياه رفقة واحدة ، والواحد رفيق ، والجمع أيضا رفيق ، تقول : رافقته وترافقنا في السفر . والرفيق : المرافق ، والجمع الرفقاء فإذا تفرقوا ذهب اسم الرفقة ولا يذهب اسم الرفيق . وقال أبو إسحاق في معنى قوله ( تعالى ) : وحسن أولئك رفيقا قال : يعني النبيين صلوات الله عليهم أجمعين لأنه قال : ومن يطع الله والرسول فأولئك يعني المطيعين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا يعني الأنبياء ومن معهم ، قال : ورفيقا منصوب على التمييز ينوب عن رفقاء ، وقال الفراء : لا يجوز أن ينوب الواحد عن الجمع إلا أن يكون من أسماء الفاعلين ، لا يجوز حسن أولئك رجلا ، وأجازه الزجاج ، وقال : هو مذهب سيبويه . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير عند موته بين البقاء في الدنيا والتوسعة عليه فيها وبين ما عند الله فقال : بل مع الرفيق الأعلى ، وذلك أنه خير بين البقاء في الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله ، وكأنه أراد قوله عز وجل : وحسن أولئك رفيقا ولما كان الرفيق مشتقا من فعل وجاز أن ينوب عن المصدر وضع موضع الجميع . وقال شمر في حديث عائشة : فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثقل في حجري ، قالت : فذهبت أنظر في وجهه فإذا بصره قد شخص وهو يقول : بل الرفيق الأعلى من الجنة ، وقبض ، قال أبو عدنان : قوله في الدعاء اللهم ألحقني بالرفيق الأعلى ، سمعت أبا الفهد الباهلي يقول : إنه تبارك وتعالى رفيق وفيق ، فكأن معناه ألحقني بالرفيق أي : بالله يقال : الله رفيق بعباده ، من الرفق والرأفة ، فهو فعيل ، بمعنى فاعل ، قال أبو منصور : والعلماء على أن معناه ألحقني بجماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين وهو اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع ، والله عز وجل أعلم بما أراد ، قال : ولا أعرف الرفيق في صفات الله تعالى . وروى الأزهري من طريق آخر عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ثقل إنسان من أهله مسحه بيده اليمنى ثم يقول : أذهب الباس رب الناس ، واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما ، قالت عائشة : فلما ثقل أخذت بيده اليمنى ، فجعلت أمسحه وأقولهن ، فانتزع يده مني وقال : اللهم اغفر لي واجعلني من الرفيق ، وقوله من الرفيق يدل على أن المراد بالرفيق جماعة الأنبياء . والرفيق : ضد الأخرق . ورفيقة الرجل : امرأته ، هذه عن اللحياني ، قال : وقال أبو زياد في حديثه سألني رفيقي ، أراد زوجتي ، قال : ورفيق المرأة زوجها ، قال شمر : سمعت ابن الأعرابي ينشد بيت عبيد :


                                                          من بين مرتفق منها ومنصاح



                                                          وفسر المنصاح الفائض الجاري على وجه الأرض . والمرتفق : الممتلئ الواقف الثابت الدائم ، كرب أن يمتلئ أو امتلأ ، ورواه أبو عبيدة وقال : المنصاح المنشق . والرفق : الماء القصير الرشاء . وماء رفق : قصير الرشاء . ومرتع رفيق : ليس بكثير . ومرتع رفق : سهل المطلب . ويقال : طلبت حاجة فوجدتها رفق البغية إذا كانت سهلة . وفي ماله رفق أي : قلة ، والمعروف عند أبي عبيد رقق ، بقافين . والرافقة : موضع أو بلد . وفي حديث طهفة في رواية : ما لم تضمروا الرفاق ، وفسر بالنفاق . ومرفق اسم رجل من بني بكر بن وائل قتلته بنو فقعس ، قال المرار الفقعسي :


                                                          وغادر مرفقا والخيل تردي     بسيل العرض مستلبا صريعا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية