الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ركض ]

                                                          ركض : ركض الدابة يركضها ركضا : ضرب جنبيها برجله . ومركضة القوس : معروفة وهما مركضتان ، قال ابن بري : ومركضا القوس جانباها ، وأنشد لأبي الهيثم التغلبي :


                                                          لنا مسائح زور في مراكضها لين وليس بها وهي ولا رقق



                                                          وركضت الدابة نفسها ، وأباها بعضهم . وفلان يركض دابته : وهو ضربه مركليها برجليه ، فلما كثر هذا على ألسنتهم استعملوه في الدواب فقالوا : هي تركض كأن الركض منها . والمركضان : هما موضع عقبي الفارس من معدي الدابة . وقال أبو عبيد : أركضت الفرس : فهي مركضة ، ومركض إذا اضطرب جنينها في بطنها ، وأنشد :


                                                          ومركضة صريحي أبوها     يهان له الغلامة والغلام



                                                          ويروى ومركضة بكسر الميم نعت الفرس أنها ركاضة تركض الأرض بقوائمها إذا عدت وأحضرت . الأصمعي : ركضت الدابة بغير ألف ، ولا يقال ركض هو إنما هو تحريكك إياه ، سار أو لم يسر ، وقال شمر : قد وجدنا في كلامهم ركضت الدابة في سيرها وركض الطائر في طيرانه ، قال الشاعر :


                                                          جوانح يخلجن خلج الظبا     ء يركضن ميلا وينزعن ميلا



                                                          وقال رؤبة :


                                                          والنسر قد يركض وهو هافي



                                                          أي : يضرب بجناحيه . والهافي : الذي يهفو بين السماء والأرض . ابن شميل : إذا ركب الرجل البعير فضرب بعقبيه مركليه فهو الركض والركل . وقد ركض الرجل إذا فر وعدا . وقال الفراء في قوله تعالى : إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا قال : يركضون يهربون وينهزمون ويفرون ، وقال الزجاج : يهربون من العذاب . قال أبو منصور : ويقال ركض البعير برجله ، كما يقال رمح ذو الحافر برجله ، وأصل الركض الضرب . ابن سيده : ركض البعير برجله ، ولا يقال رمح . الجوهري : ركضه البعير إذا ضربه برجله ، ولا يقال رمحه عن يعقوب . وفي حديث ابن عمرو بن العاص : لنفس المؤمن أشد ارتكاضا على الذنب من العصفور حين يغدف أي : أشد اضطرابا وحركة على الخطيئة حذار العذاب من العصفور إذا أغدف عليه الشبكة فاضطرب تحتها . وركض الطائر يركض ركضا : أسرع في طيرانه ، قال :


                                                          كأن تحتي بازيا ركاضا



                                                          فأما قول سلامة بن جندل :


                                                          ولى حثيثا وهذا الشيب يتبعه     لو كان يدركه ركض اليعاقيب



                                                          فقد يجوز أن يعني باليعاقيب ذكور القبج فيكون الركض من الطيران ، ويجوز أن يعني بها جياد الخيل ، فيكون من المشي ؛ قال الأصمعي : لم يقل أحد في هذا المعنى مثل هذا البيت . وركض الأرض والثوب : ضربهما برجله . والركض : مشي الإنسان برجليه معا . والمرأة تركض ذيولها برجليها إذا مشت ، قال النابغة :


                                                          والراكضات ذيول الريط فنقها     برد الهواجر كالغزلان بالجرد



                                                          الجوهري : الركض تحريك الرجل ، ومنه قوله تعالى : اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب . وركضت الفرس برجلي إذا استحثثته ليعدو ، ثم كثر حتى قيل ركض الفرس إذا عدا وليس بالأصل ، والصواب ركض الفرس على ما لم يسم فاعله ، فهو مركوض . وراكضت فلانا إذا أعدى كل واحد منكما فرسه . وتراكضوا إليه خيلهم . وحكى سيبويه : أتيته ركضا ، جاءوا بالمصدر على غير فعل وليس في كل شيء ، قيل : مثل هذا إنما يحكى منه ما سمع . وقوس ركوض ومركضة أي : سريعة السهم ، وقيل : شديدة الدفع والحفز للسهم ؛ عن أبي حنيفة تحفزه حفزا ، قال كعب بن زهير :


                                                          شرقات بالسم من صلبي     وركوضا من السراء طحورا



                                                          ومرتكض الماء : موضع مجمه . وفي حديث ابن عباس في دم المستحاضة : إنما هو عرق عاند أو ركضة من الشيطان ، قال : الركضة الدفعة والحركة ، وقال زهير يصف صقرا انقض على قطاة :


                                                          يركضن عند الزنابى وهي جاهدة     يكاد يخطفها طورا وتهتلك



                                                          قال : ركضها طيرانها ، وقال آخر :


                                                          ولى حثيثا وهذا الشيب يطلبه     لو كان يدركه ركض اليعاقيب



                                                          جعل تصفيقها بجناحيها في طيرانها ركضا لاضطرابها . قال ابن الأثير : أصل الركض الضرب بالرجل والإصابة بها ، كما تركض الدابة وتصاب بالرجل ، أراد الإضرار بها والأذى ، المعنى أن الشيطان قد وجد بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها ذلك عادتها ، وصار في التقدير كأنه يركض بآلة من ركضاته . وفي حديث ابن عبد العزيز قال : إنا لما دفنا الوليد ركض في لحده أي : ضرب برجله الأرض . والتركضى والتركضاء : ضرب من المشي على شكل تلك المشية ، وقيل : مشية التركضى مشية فيها ترقل وتبختر إذا فتحت التاء والكاف قصرت ، وإذا كسرتهما مددت . وارتكض الشيء : اضطرب ، ومنه قول بعض الخطباء : انتفضت مرته ، وارتكضت جرته . وارتكض فلان في أمره اضطرب ، وربما قالوا : ركض الطائر إذا حرك جناحيه في الطيران ، قال رؤبة :


                                                          أرقني طارق هم أرقا [ ص: 216 ]     وركض غربان غدون نعقا



                                                          وأركضت الفرس : تحرك ولدها في بطنها وعظم ، وأنشد ابن بري لأوس بن غلفاء الهجيمي :


                                                          ومركضة صريحي أبوها     تهان لها الغلامة والغلام



                                                          وفلان لا يركض المحجن ، عن ابن الأعرابي أي : لا يمتعض من شيء ولا يدفع عن نفسه . والمركض : محراث النار ومسعرها ، قال عامر بن العجلان الهذلي :


                                                          ترمض من حر نفاحة     كما سطح الجمر بالمركض



                                                          وركاض : اسم ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية