الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وللكبار القود قبل كبر الصغار ) خلافا لهما . والأصل أن كل ما لا يتجزأ إذا وجد سببه كاملا ثبت لكل على الكمال كولاية إنكاح [ ص: 540 ] وأمان ( إلا إذا كان الكبير أجنبيا عن الصغير فلا ) يملك القود ( حتى يبلغ الصغير ) إجماعا زيلعي فليحفظ .

التالي السابق


( قوله وللكبار القود إلخ ) أي إذا قتل رجل له ولي كبير وصغير كان للكبير أن يقتل قاتله عنده ; لأنه حق مشترك ، وفي الأصل إن كان الكبير أبا استوفى القود بالإجماع ، وإن كان أجنبيا بأن قتل عبد مشترك بين أجنبيين صغير وكبير ليس له ذلك . وفي الكلام إشارة إلى أنه لو كان الكل صغارا ليس للأخ والعم أن يستوفيه كما في جامع الصفار ، فقيل ينتظر بلوغ أحدهم ، وقيل يستوفي السلطان كما في الاختيار والقاضي كالسلطان ، وإلى أنه لو كان الكل كبارا ليس للبعض أن يقتص دون البعض ولا أن يوكل باستيفائه ; لأن في غيبة الموكل احتمال العفو فالقصاص يستحقه من يستحق ماله على فرائض الله تعالى ويدخل فيه الزوج والزوجة كما في الخلاصة ، وإلى أنه لا يشترط القاضي كما في الخزانة ، وإلى أنه لو كان القتل خطأ لم يكن للكبير إلا استيفاء حصة نفسه كما في الجامع قهستاني ، وقوله لا يشترط القاضي أي قضاؤه : فمن له القصاص له أن يقتص سواء قضي به أو لا كما في البزازية ( قوله خلافا لهما ) فعندهما ليس لهم ذلك إلا أن يكون الشريك الكبير أبا للصغير نهاية . وقاساه على ما إذا كان مشتركا بين كبيرين وأحدهما غائب ( قوله والأصل إلخ ) استدلال لقول الإمام قال في الهداية : وله أنه حق لا يتجزأ لثبوته بسبب لا يتجزأ وهو القرابة واحتمال العفو من الصغير منقطع أي في الحال فيثبت لكل واحد كاملا كما في ولاية الإنكاح ، بخلاف الكبيرين ; لأن احتمال العفو من الغائب ثابت ا هـ . واعترض سعدي كون السبب هو القرابة بأنه يثبت للزوج والزوجة ولا قرابة . وأجاب الطوري بأنه على [ ص: 540 ] التغليب ، أو بأن المراد بها الاتصال الموجب للإرث ( قوله وأمان ) أي أمان المسلم الحربي ( قوله إلا إذا كان الكبير أجنبيا عن الصغير ) قال في النهاية : بأن كان العبد مشتركا بين صغير وأجنبي فقتل عمدا ليس للأجنبي أن يستوفي القصاص قبل بلوغه بالإجماع إلا أن يكون للصغير أب فيستوفيانه حينئذ ا هـ . ثم قال ناقلا عن المبسوط ; لأن السبب الملك وهو غير متكامل لكل واحد منهما فإن ملك الرقبة يحتمل التجزؤ ، بخلاف ما نحن فيه فإن السبب فيه القرابة وهو مما لا يحتمل التجزؤ وتمامه فيه .

مبحث شريف وظاهر هذا التصوير والتعليل ، ومثله ما قدمناه آنفا عن القهستاني عن الأصل أن المراد بالأجنبي من كان شريكا في الملك لا في القرابة فلو قتل رجل وله ابن عمة كبير وابن خالة صغير وهما أجنبيان فللكبير القصاص ; لأن السبب القرابة للمقتول وهو مما لا يتجزأ ، وكذا لو قتل عن زوجة وابن صغير من غيرها فللزوجة القصاص ; لأن مرادهم بالقرابة ما يشمل الزوجية كما مر وبه أفتى العلامة ابن الشلبي في فتاواه المشهورة فيمن قتل امرأة عمدا ولها زوج وابن صغير من غيره فأجاب للزوج القصاص قبل بلوغ الولد ، لكن يخالفه ما في فتاوى العلامة الحانوتي حيث أفتى فيمن قتل عمدا وله بنت بالغة وابن صغير وأربع زوجات بأنه ينتظر بلوغ الابن لكون بعض الزوجات أجنبيات عنه أخذا من عبارة الزيلعي ا هـ فليتأمل في ذلك




الخدمات العلمية