هل هناك إسراف مذموم في الصدقة؟ وهل يجوز التصدق بجميع المال؟

0 222

السؤال

هل هناك إسراف مذموم في الصدقة؟ أي: هل يجب علينا ألا نسرف في التصدق؛ حتى لا نتضرر ماديا, بل يجب علينا التوسط - لا نسرف, ولا نبخل -؟ وما معنى قوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما), وقوله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس في الصدقة المفروضة - كالزكاة, وصدقة الفطر, والنذر - إسراف؛ لأنها معلومة القدر.

أما صدقة التطوع التي تعطى تبرعا للفقراء والمساكين والمحتاجين: فقد يدخلها الإسراف المذموم شرعا إذا زادت عن المعروف, وأدت إلى فقر المتصدق, واحتياجه إلى الآخرين، والآيات المذكورة دليل على ذلك؛ جاء في تفسير ابن كثيرلا تسرفوا في الإعطاء, فتعطوا فوق المعروف، وقال أبو العالية: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا, ثم تباروا فيه, وأسرفوا، فأنزل الله: ولا تسرفوا, وقال ابن جريج: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، جد نخلا له, فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته, فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة، فأنزل الله تعالى: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" رواه ابن جرير.
فلا ينبغي للمسلم أن يتصدق بماله كله، والأفضل أن يتصدق بالبعض, ويترك البعض؛ لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن مالك: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك.

قال ابن دقيق العيد في شرح العمدة: فيه دليل على أن إمساك ما يحتاج إليه من المال أولى من إخراج كله في الصدقة, وقال صلى الله عليه وسلم: "وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى".

قال النووي: أفضل الصدقة ما بقي صاحبها بعدها مستغنيا بما بقي معه.

وجاء في الموسوعة الفقهية: "الصدقات المندوبة - وهي التي تعطى للمحتاجين لثواب الآخرة - فرغم حث الإسلام على الإنفاق على الفقراء والمساكين والمحتاجين في كثير من الآيات والأحاديث، فقد أمر الله بالقصد, والاعتدال, وعدم التجاوز إلى حد يعتبر إسرافا، بحيث يؤدي إلى فقر المنفق نفسه حتى يتكفف الناس, قال الله تعالى في صفات المؤمنين: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} وقال سبحانه: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} قال المفسرون في تفسير هذه الآية: ولا تخرج جميع ما في يدك مع حاجتك وحاجة عيالك إليه، فتقعد منقطعا عن النفقة والتصرف. وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين: 114410  31942.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة