الدعاء في السجود أفضل أم بعد الصلاة؟ وحكم رفع اليدين في الدعاء بعدها

0 4629

السؤال

أنا منذ فترة أقرأ الفتاوى الموجودة على الموقع، وعندي سؤالان عن الدعاء: أولهما: علمت أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وفي معظم الروايات الموجودة على الموقع أن الرسول صلى الله وعليه وسلم كان يصلي ويسلم، ثم يرفع يديه ويدعو، فما الأفضل: أن أطيل السجود وأدعو، أو أن أدعو بعد الصلاة؟ الثاني: في معظم الأدعية المأثورة – كدعاء: "اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار" وغيره من الأدعية - نجد أن الدعاء بصيغة الجمع، فهل يجوز لي أن أدعو بصيغة المفرد في خلوتي؟ وما الأفضل في هذه الحالة؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء، وأسألكم الدعاء أن يرزقني الله زوجة صالحة، وأن ييسر لي الزواج، وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما نعلم - أنه كان يرفع يديه ويدعو بعد السلام من الصلاة, وإنما ورد عنه الترغيب في الدعاء دبر الصلاة، كما في حديث أبي أمامة قال: قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الدعاء أسمع: قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات. رواه الترمذي.

ولا مانع من رفع اليدين؛ لعموم حديث: إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا. رواه أبو داود.

وأما أنه ورد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا بعد الصلاة، ورفع يديه، فهذا لا نعلمه، وليس في موقعنا شيء من هذا.

وأما أيهما أفضل الدعاء في السجود أم بعد الصلاة: فلا شك أن الأفضل الدعاء في السجود؛ لحديث: وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والدعاء في السجود أفضل من غيره، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل قوله في حديث أبي هريرة: {أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء} ومثل ما روى مسلم في صحيحه، عن ابن عباس قال: {كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات النبوة، إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم} وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء في السجود في عدة أحاديث، وفي غير حديث تبين أن ذلك في صلاته بالليل، فعلم أن قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا} وإن كان يتناول الدعاء في جميع أحوال الصلاة، فالسجود له مزية على غيره. اهــ

وأما الدعاء بصيغة الإفراد بدل صيغة الجمع الواردة في بعض الأدعية: فهذا جائز، ولا حرج فيه.

والأدعية الواردة في الكتاب والسنة منها ما جاء بصيغة الجمع، ومنها ما جاء بصيغة الإفراد.

ولا حرج على الداعي أن يراعي حاله حال الدعاء، فيدعو بصيغة الإفراد إن كان منفردا، وبصيغة الجمع إن كانوا جماعة، وانظر الفتوى رقم: 114466 عن حكم تغيير الضمائر في الأدعية المأثورة، وقد ذكر الإمام ابن القيم أن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة جاءت بلفظ الإفراد, فقد قال في زاد المعاد: والمحفوظ في أدعيته صلى الله عليه وسلم في الصلاة كلها بلفظ الإفراد؛ كقوله: رب اغفر لي وارحمني واهدني، وسائر الأدعية المحفوظة عنه، ومنها قوله في دعاء الاستفتاح: اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد، اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ... الحديث. اهــ.

ونسأل الله أن ييسر لك الزواج، ويرزقك الزوجة الصالحة.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة