أدلة صحة تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، وكيفية تحقيق التوحيد الخالص

0 286

السؤال

على أي شيء استند شيخ الاسلام ابن تيمية على تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات؟ وأخبرونا كيف نحقق التوحيد الخالص لله رب العالمين؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيفهم من سؤال السائل أن أول من قسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام هو شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وهذا غير صحيح، بل قد سبقه علماء لهذا التقسيم، وراجع الفتوى: 115656.

ودليل تقسيم التوحيد عند شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم هو الاستقراء لنصوص الشريعة، قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في أضواء البيان: وقد دل استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فطر العقلاء، قال تعالى: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله الآية [43 87] ، وقال: قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون [10 31] ، وإنكار فرعون لهذا النوع من التوحيد في قوله: قال فرعون وما رب العالمين [26 23] تجاهل عن عارف أنه عبد مربوب ; بدليل قوله تعالى: قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر الآية [17 102] ، وقوله: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا [27 14] ، وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله، كما قال تعالى: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون [12 106] ، والآيات الدالة على ذلك كثيرة جدا.
الثاني: توحيده جل وعلا في عبادته، وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى لا إله إلا الله وهي متركبة من نفي وإثبات، فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنة ما كانت في جميع أنواع العبادات كائنة ما كانت. ومعنى الإثبات منها: إفراد الله جل وعلا وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاص، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام. وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب [38 5].
ومن الآيات الدالة على هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك الآية [47 19]، وقوله: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت [16 36]، وقوله: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [21 25]، وقوله: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون [43 45]، وقوله: قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون [21 108]، فقد أمر في هذه الآية الكريمة أن يقول: إنما أوحي إليه محصور في هذا النوع من التوحيد، لشمول كلمة: لا إله إلا الله لجميع ما جاء في الكتب; لأنها تقتضي طاعة الله بعبادته وحده. فيشمل ذلك جميع العقائد والأوامر والنواهي، وما يتبع ذلك من ثواب وعقاب، والآيات في هذا النوع من التوحيد كثيرة.
النوع الثالث: توحيده جل وعلا في أسمائه وصفاته، وهذا النوع من التوحيد ينبني على أصلين:
الأول: تنزيه الله جل وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم، كما قال تعالى: ليس كمثله شيء [42 11].

والثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بكماله وجلاله، كما قال بعد قوله: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتصاف، قال تعالى: يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما [20 110] ، وقد قدمنا هذا المبحث مستوفى موضحا بالآيات القرآنية في سورة الأعراف. انتهى.

وإذا أراد السائل الزيادة فليراجع كتاب (القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد) للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر، فقد ذكر فيه أدلة كثيرة على صحة هذا التقسيم، والرد على من أنكر ذلك.

وأما عن كيفية تحقيق التوحيد الخالص لله رب العالمين، فقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله هذا السؤال: كيف يحقق المسلم التوحيد يا شيخ؟ فأجاب رحمه الله: تحقيق التوحيد بإخلاص العبادة لله وحده، وأن لا يدعو إلا الله وأن لا يستغيث إلا بالله ولا يتوكل إلا عليه ولا ينذر إلا له، ولا يذبح إلا له، ولا يصلي إلا له، العبادة لله وحده، كما قال تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا، وقال سبحانه: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، هذه حقيقة التوحيد، أن يخصوا الله بالعبادة، ويخصوا نبيه بالطاعة والاتباع - عليه الصلاة والسلام - أما العبادة فهي حق الله، يجب أن يخص بها جل وعلا، فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، إياك نعبد وإياك نستعين، وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، فلا يصلي إلا لله، ولا يذبح إلا لله، ولا ينذر إلا لله، ولا يصوم إلا لله وهكذا، جميع العبادات. انتهى. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة