حكم التبول قائماً، والاستنجاء لكل صلاة.

0 715

السؤال

ما حكم الشرع في التبول واقفا؟ وهل يجب الاستنجاء لكل صلاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح أنه يجوز أن يتبول المرء قائما، إذا كان المكان سهلا غير مشتد، يأمن من ارتداد البول عليه فيه؛ لما جاء في الصحيحين من حديث حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم: انتهى إلى سباطة قوم، فبال قائما.

قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: والسباطة: المزبلة، والبول فيها لا يكاد يتطاير منه كبير شيء، فلذلك بال قائما صلى الله عليه وسلم. انتهى.

وقد بين الإمام النووي -رحمه الله- في شرحه على صحيح مسلم، أن الأحاديث الواردة في النهي عن البول قائما ضعيفة، باستثناء حديث عائشة -رضي الله عنها- فقال: ويدل عليه حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما، فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعدا. رواه أحمد بن حنبل، والترمذي والنسائي وآخرون، وإسناده جيد، والله أعلم. وقد روي في النهي عن البول قائما أحاديث لا تثبت، ولكن حديث عائشة هذا ثابت، فلهذا قال العلماء: يكره البول قائما إلا لعذر، وهي كراهة تنزيه لا تحريم.. انتهى.

ويجاب عن هذا الحديث أيضا بأن المثبت مقدم على النافي، أو أن عائشة -رضي الله عنها- ربما تكون حكت ما رأته في داخل بيتها، فلا يلزم من ذلك نفي الوقوع مطلقا.

وأما الاستنجاء فلا يجب لكل صلاة، وإنما يشرع عند وجود سببه، وهو خروج النجس من أحد السبيلين. وإذا تعدى الخارج المحل المعتاد، مثل أن ينتشر إلى الصفحتين أو امتد في الحشفة. فإنه لا يجزئ فيه حينئذ إلا الماء؛ لأنه صار من باب إزالة النجاسة، وليس من باب الاستنجاء.

وأما إذا لم ينتشر ولم يتعد المحل المعتاد، فإنه يجوز فيه الاستجمار بالحجارة، أو ما يقوم مقامها كالمناديل الورقية ونحو ذلك.

ولا فرق في جواز الاستجمار بين الرجل والمرأة، سواء أكان الخارج بولا أو غائطا.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والمرأة البكر كالرجل؛ لأن عذرتها تمنع انتشار البول. فأما الثيب فإن خرج البول بحدة فلم ينتشر فكذلك، وإن تعدى إلى مخرج الحيض، فقال أصحابنا: يجب غسله؛ لأن مخرج الحيض والولد غير مخرج البول، ويحتمل ألا يجب، لأن هذا عادة في حقها فكفى فيه الاستجمار كالمعتاد في غيرها، ولأن الغسل لو لزمها مع اعتياده، لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه، لكونه مما يحتاج إلى معرفته، وإن شك في انتشار الخارج إلى ما يوجب الغسل لم يجب؛ لأن الأصل عدمه، والمستحب الغسل احتياطا. انتهى.

والخلاصة أنه لا حرج أن يتبول المرء قائما، بشرط أن يأمن من ارتداد البول عليه، كما أنه لا يجب ولا يندب الاستنجاء لكل صلاة، وإنما يشرع عند وجود سببه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة