الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيرت ولم أعد أشعر بالمتعة في ما أقوم به، فانصحوني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرًا لكم، وشكرًا لكل من يسعى لمساعدة الآخرين.

أما بعد: في الحقيقة لا أعرف من أين أبدأ، إلا أنني أعاني من التشتت في كل شيء، أفكاري مشتتة لأبعد حد، لم أعد أقدر على ترتيب أفكاري، أو معرفة طموحي أو أي شيء.

المهم أنا تلميذة في الثالث ثانوي، عمري ١٨سنة، منذ عام ونصف لم أعد أعرف من أكون حقَا، كل شيء تغير جذريًا، قبل عام ونصف كنت أكثر نشاطًا وحيوية، أضحك وأمرح، واجتماعية، أحاول أن أنشر الطاقة الإيجابية لكل من حولي، طموحي كان عاليًا جدًا، أسعى نحو الأفضل، وكل ما كنت أقوم به أشعر بالمتعة معه، رغم كونه صعبًا، مثل الدراسة وعمل المنزل، وغيرها من الأعمال الشاقة جدًا، خاصة وأنني أعيش في القرية، وأقطن بالسكن الدراسي بحكم بعد المدينة عن قريتي.

أزور أهلي يومًا واحدًا في الأسبوع، المهم أمي مريضة أكثر من ٤ سنوات، حقًا كنت أتألم كثيرًا لها، خاصة وأنني أحبها كثيرًا إلا أنني لم أبكِ يومًا أمامها، ولم أحزن قط أمامها، دائمًا ما كنت متفائلة بشفائها، وأطمئنها وأداعبها أحيانًا، وأخفف من متاعبها، أعاملها كأنها ابنتي وليس العكس.

أبي قاس جدًا معنا، وأنا حقيقة لم أعرف طعم الأمان ولا الحنان من ناحيته، وكذلك كنت أعيش بكوابيس أثناء نومي بسببه، وعند سماعي لكلامه أو مناداته لي أنتفض بفزع وذعر حقيقي.

المهم رغم كل ما ذكرت وغيره، إلا أنني كنت لا مبالية لذلك، ولا لأي شيء، أرى طموحي العالي وأنني يومًا ما سأحقق الثراء، ونعيش في مكان أفضل من هذا، كما أنني كنت متفوقة جدًا في دراستي، ولم أعد كذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رشيدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يقرّ أعينكم بشفاء الوالدة وبلوغها العافية وتمام العافية، ونسأل الله أن يكتب لك العافية والأجر والثواب، ونسأله تبارك وتعالى أن يُليّن قلب الوالد، وأن يُعينكم على بِرِّه وبرِّ الوالدة، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

أرجو أن تقومي بما عليك من الطاعات، وأكثري من التوجُّه إلى رب الأرض والسماوات، ثم افرحي بتوفيق الله للخيرات، واعلمي أن الإنسان الذي يحزن في الدنيا سيحزن وحده، لكن الذي سيفرح ستفرح الدنيا معه، وكيف لا نفرح وقد مَنَّ الله علينا بالإيمان، وقد أنزل علينا نعماً عظيمة، وجعلنا من أتباع هذا النبي الكريم:
ومـما زادني شـرفـاً وتـيــهـاً ... وكدت بأخمصي أطأ الـثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن صـيَّرت أحمد لي نـبيـا

وكيف لا نأمن وقد منحنا الله من النعم ما لا يُحصى ولا يُعد، {وإن تعدوا نعمة الله لا تُحصوها}، كل مَن يمشي على وجه الأرض في نعم من الله، تزيد عند هذا وتنقص عند هذا، لكن إذا نقصت في جانب، فإنها تزيد في جانب آخر، {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ ممَّا يجمعون}.

وإذا كانت الهموم قد زادت عليك، فتوجّهي إلى الله قاضي الحاجات، وتضرعي إلى مَن يُجيب المضطر إذا دعاه {أمّن يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}، ودائمًا استقبلي الحياة بأملٍ جديدٍ وبثقة في ربنا المجيد، واعلمي أن البكاء والحزن والهم والغم لا يحل إشكالاً، ولا يُقرّبُ بعيدًا، فانظري إلى الأمام، واعلمي أن البكاء على اللبن المسكوب لا يُعيده، والبكاء على الماضي لا يُرجعه ليُصحح، وفي نظرك إلى الأمام عليك ببذل الأسباب ثم التوكل على الكريم الوهاب، ولا تحاولي عبور الجسر قبل الوصول إليه، ولا تهتمي بقضية لم يأت وقتها، واستعيني بالله وتوكلي عليه، وأكثري من الحوقلة: (لا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم)، فإنها كنز من كنوز الجنة، وقولي: (أعوذ بالله من الهم والحزن والعجز والكسل ومن الجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال)، وقولي دعاء الكرب: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)، وأكثري من الاستغفار، ومن الصلاة على رسولنا المختار، فإن في ذلك ذهاب الهموم ومغفرة الذنوب.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً